تعجُّ الشبكات الاجتماعية بصور السيلفي، كتبتُ مرّة مساهمة على حاسوب عن "لماذا يحفل الجيل الجديد بالصور" جاء فيها:

الأمر أعمق من أختيار صورة مناسبة فقط، فنحن أصبحنا نعامل أنفسنا كالممثلين، ونزن قيمتنا بصورنا، لأنّ معظم من نعرفهم، لا يصادف أن نلتقي بهم إلّا لدقائق معدودات في الواقع، لكنّنا نصادفهم كثيرًا في مواقع التواصل، بعبارة أخرى، وجودنا المعنوي في الصور أصبح اكثر أهميّة وقيمة من وجودنا الجسدي الحقيقي!

عادة ما ينشر الناس صورة سيلفي واحدة، لكن تصميم إنستغرام دون غيره يُساعد على نشر عدَّة صور سيلفي في آن واحد، يستطيع الناشر نشر سلسلة من الصور في منشور واحد، معظم هذه الصور مُتشابهة في كلّ شيء!

إنَّه إصدار جديد للنرجسية 2.0 فعندما أرى شخصًا نشر 4 صور لنفسه لا تختلف في شيء إلّا بكميّة الضوء، أو حركة الحواجب والشفاه، أشعر -بعد تقليبي للصورة الثالثة- إذا أغمضتُ عيني سيظهر لي وجه الشخص في الظلام!

هذه الظاهرة بدأت في عام 2020 في انستغرام، وأبتدعها بعض المشاهير الأكثر متابعة هناك، وقد نُشر في ذلك مقال على موقع Standard، أتحفَّظ عن وضع رابطه لما فيه من استعراض بالأجسام. كل مشهور كان ينشر عدّة صور متشابهة تمامًا ولا تختلف إلّا في أنّها التُقطَت بعد ثانيتين.

الصورة التي وضعتها غلافًا للمقال بريئة ممّا هناك، فهي بملابس مختلفة الألوان، لا الذي يحدث مع اصدار النرجسية 2.0 هو أنّ الصور نفسها، الملابس نفسها، لا يوجد إلّا اختلاف طفيف يصعب معه تحديد أيّ الصور أجمل.

لم يعد الأمر مقتصرًا على المشاهير، أصدقائي يفعلون ذلك كل حين، ولعلَّ السبب في أنَّ رفاهية التقنيات وما فيها من الفلاتر جعلت من الصعب أن نختار صورة واحدة مميّزة، فنضعها جميعًا تهربًا من الاختيار. الفلاتر أيضًا جعلت من الشكل متشابهًا بين أغلب الناس.

أمّا سبب الحفاوة بالصورة المُميزة، التي جعلتنا نهرب إلى نشر عدّة صُور متقاربة خوفًا من تفويت فرصة نشر صورة جميلة، فهو يعود لما طرحته من الاقتباس في بداية المقال، أصبحنا نضع قيمة أكبر على منشورات العالم الرقمي من لقاءات العالم الحقيقي، لأنّنا نعرف أناس أكثر على العالم الرقمي وقد لا يصادفونا أبدًا.