بعد وفاة والدتي أصابني الكثير من التعب النفسي والجسدي، وحين احتجت إلى مساعدة متخصص نفسي وأخذت قرار الذهاب إليه بعد الكثير من التردد والحيرة، ذهبت. أخبرتني الدكتورة أني أعاني من التعلق والدليل أنني لم أتجاوز هذا الألم الكامن في صدري منذ ستة أعوام. كطبيعة البشر نرفض ذكر ما لا يعجبنا، أنكرت وأخبرت نفسي أن هذا طبيعي أن أتذكر والدتي كلما شعرت بالضغط ولحظات ضعفي.

أخذت مدة طويلة حتى تأكدت أني بالفعل أعاني من التعلق. أعلي أن ألجأ إلى العيادة ثانيةً؟؟ خشيت المواجهة، وعزمت على أن أعالج نفسي بنفسي.

بدأت البحث بكثرة عن الموضوع وبدأت أدرك حالتي وحالة الكثير ممن حولي؛ ممن هم أيضاً لا يدركون أنهم يعانوا من التعلق.

كانت مفاجئة عندما سمعت حوار كانت فيه "هالة مبارز" أستاذ علم النفس التربوي في الجامعة الأمريكية، ووجدت أن هذه المعاناة نكتسبها منذ الصغر؛ بداية من اتصالنا الدائم بالأم في طفولتنا، ثم زملائنا بالمدرسة في مرحلة المراهقة، والجنس الآخر عند البلوغ.

كما تتفق هذه النظرية مع دراسات "جون بولبي" التي قرأت عنها سابقاً.

عرفت أن تربية الأهل لها الأثر الأكبر على نمط تعلقنا بمن حولنا وكيفية ارتباطنا بهم بعد ذلك.

أليس غريب أن تجنب الأهل والإهمال المتعمد لبكائنا ينم عن كل هذه الندوب؟

الكثير منا يعاني من التعلق دون أن يشعر، أليس كذلك؟ نعتقد أننا نحب ولكن يختبئ الوحش خلف الستار، وفي طيات الحب. أرى أننا نعاني من الألم والحزن نتيجة لفقد شخص عزيز بطرق مختلفة، وهذا طبيعي، لكن غير الطبيعي أن نزال في نفس الدائرة سنين بكاءاً على الأطلال.

هل ترى التعلق جزءاً من الحب؟ وكيف نحافظ على علاقاتنا بطابع يكسوه الحب أكثر من التعلق؟