عندما تقرأ في السير الذاتية، تجد أنَّ أبا فراس الحمداني قد كان أميرًا لمنبج بعمر 13 سنة، وأنَّ طرفة بن العبد قد مات عن عشرين سنة، تاركًا خلفه تُراثًا شعريًا مليئًا بالحكمة والتجارب.

ولو نقّبنا في سير الأجانب، نجد أنَّ ليناردو دافينتشي قد عمل مساعدًا في استوديو فيرتشيريو وهو أبن 14 سنة، ووالت ديزني كان يعمل في عدة أعمال من سنٍّ صغيرة، وقد عمل في توصيل الجرائد وله 11 سنة، وغيرهم أكثر.

نركّز عادة على حياة المشاهير وهم كبار راشدون، لكن قلّما يُتلفَّت إلى ما فعلوه وهم صغار، وقد لا يكون العمل في استوديو أو في توصيل للجرائد أمرًا أراده هؤلاء الناس، لكنّه من غير شك قد أضاف لهم خبرة وتجاربًا، وفي نفس الوقت جعلهم يساهمون بمساهمات فاعلة لهذا العالم

نجد من الأمثلة أنّهم كانوا فتيانًا، في سنّ المدرسة حاليًا، فهل يمرّ أطفالنا وفتياننا بتجارب مُشابهة في الوقت الحالي؟ متى يُمكن لهم أن يدخلوا استوديو للرسم؟ هل يعرفون معنى ذلك أصلًا؟

الأمر ليس دعوة لعمالة الأطفال، ولا تغنّيًا بالعمل الشاق، لكنّ الأمر ينبع من ملاحظة أبسط من ذلك، كلما وضعت البشر في مواقف متطلّبة، أبدعوا أكثر.

إذا لم نُعط لأطفالنا أشياء مفيدة يفعلونها في هذا السنّ، والزمناهم بواجبات المدرسة، ماذا نتوقّع لهم عندما يكبرون؟ أحسن التوّقعات هو أن يكونوا مجتهدين في مجالهم الاكاديمي، ولا يعرفون معنى الحياة خارجه، وفي أسوأ السيناريوات، سيخرج جيل يتشكّى من فائدة هذه المدارس والجامعات، ولا يعرف الفائدة منها، وهذا ما يحدث فعلًا.

لا أظنّ أنّ العالم يجب أن يبقى على هذا النحو، أصبح بأمكاننا الآن أن نتعلّم من الخبرات والفنون ما لم يتوفّر لأحد قبلنا في هذا العالم، قرأت هذا المقال مرّة البديع مرّة، وخلاصته أنّه قد يُنظر إلى يوتيوب على أنّه قلّل من قدرات الناس على الانتباه، وحفّزهم على التشتّت، لكنّه فتح بابًا لم يكن ليدخله أحد من قبل، فتُشارك فيه بعض المهارات مثل النجارة والحدادة والطبخ والأعمال اليدوية بشكل لا يستطيع نقله أحد شفاهةً أو كتابة.

بالعودة للاطفال، أسلم الحلول أن نجعلهم يستمرّون بحياتهم المدرسية المنظمة، لكن إلى جانب ذلك نُثري حياتهم بأنشطة تزيد من ابداعهم، من دون أن نسرق منهم طفولتهم، خذ تعلّم البرمجة على سبيل المثال، فهو مجال واعد مستقبلًا، وأرى توجهًا كبيرًا في الفترة الأخيرة لتعليمه للأطفال.

ماهي المصادر المناسبة التي يُمكن أن يتعلّمها الأطفال بشكل يجعلهم يشاركون مشاركة فاعلة في هذا العالم؟ هل عندكم قنوات محددة لهذه الأمور؟ أترك الحديث لكم.