من هم زعماء وسائل الاعلام ؟

حسب هربرت شيلر في كتابه المتلاعبون بالعقول الصادر عام 1973م, استنتج أن سمات المجتمع الأمريكي والطريقة التي تدار بها وسائل الاعلام الأمريكية, تمكن النخبة الأمريكية من التحكم بعقول المواطنين الأمريكيين ,عبر ما سماه بالقدرة على تعليب الوعي, أي سعى الجهات الطامعة والمتشبثة بـ (السلطة) أن تمرر أهدافها وتفرضها على الوسط الاجتماعي, فرضا غير مباشر، ومن ثم تجتهد كي تصنع النظام الاقتصادي الذي يكفل حماية مصالحها ويعزز حضورها بقوة ,ويحميها من أي خطر جماهيري أو سواه.

أساطير الوعي المعلب

يعتمد التضليل االاعلامي أو الوعي المعلب على خمسة أساطير أساسية يصدقها العقل الباطني للمواطن الأمريكي وربما كل انسان على وجه هذه الكرة :

أسطورة الفردية والاختيار الشخصي : تقف وسائل الاعلام حارسا لرفاهية الفرد, وكأنه لا يمكن للفرد بلوغ الرفاهية المطلقة إلا عن طريق تبني الفكر الرأسمالي. وهو ما ساعد على ظهور الطابع الاحتكاري لصناع وسائل الاعلام والاتصال بصفة عامة.

أسطورة الحياد : تفترض هذه الفكرة ,الاقتناع الكامل باستقامة وعدم تحزب الحكومة بوجه عام, وعناصرها المكونة من : الكونغرس, النظام القضائي, والرئاسة. وينظر إلى وقائع الفساد والغش والاحتيال على أنها نتيجة مترتبة على الضعف الانساني, بينما وسائل الاعلام جميعا بلا استثناء مشاريع تجارية, تتلقى مدخولها من الاستغلال الجاري لمساحاتها الزمنية, أو المكانية لمصلحة الاعلانات.

أسطورة الطبيعة الانسانية الثابتة: أي تبني نظريات السلوك الانساني, التي تؤكد على الجانب العدواني للبشر وعدم قابلية الطبيعة الانسانية للتغير, إذ يبرر المسيطرون على وسائل الاعلام _كمثال_ أن ما تحفل به برامج التلفزيون من جرائم قتل وعنف لا تقل يوميا عن نصف دستة, بالقول: أنهم يحاولون أن يقدموا للناس ما يحبونه, ثم يخبروننا وهم يهزون أكتافهم بلا مبالاة, أن الطبيعة الانسانية تتطلب للأسف , ثماني عشرة ساعة يوميا من الايذاء والقتل. غافلين عن آثار هذه البرامج على الطبيعة البشرية.

أسطورة غياب الصراع الاجتماعي: قد ينكر المتحكمون في الوعي بوجود الصراع الاجتماعي, إلا أنه في السينما والتلفزيون وعبر موجات المذياع, تخصص يوميا لسيناريوهات العنف مساحة مذهلة, فكيف يتفق هذا الكرنفال من الصراع مع الهدف الأساسي لمديري وسائل الاعلام, والمتمثل في تقديم صورة للانسجام والتآلف الاجتماعي؟ هذا التناقض يتم حله بسهولة. إذ أن سيطرة النخبة تقتضي تجاهل, أو تحريف الواقع الاجتماعي, فالمناقشة الجادة للصراع الاجتماعي لن تؤدي إلا إلى تعميق مقاومة الظلم الاجتماعي, فتصاب المجموعات والشركات ذات النفوذ الاقتصادي القوي بتوتر بالغ إذا ما تم لفت الأنظار للممارسات الاستغلالية التي يشاركون فيها.

أسطورة التعددية الاعلامية : قد يعتقد البعض أن وساائل الاعلام الأمريكية شديدة التنوع, بالتالي يمكن للمواطن حرية الاختيار, ولكن الحقيقة أن قطاعا صغيرا جدا من السكان يحسن الانتقاء, ويعرف مالذي يشاهده, ويستطيع أن يستفيد من التدفق الاعلامي الهائل, فمعظم الأمريكيين محصورون أساسا, داخل نطاق مرسوم من الاعلام لا اختيار فيه, إذ ان تنوع الآراء فيما يتعلق بالأخبار الخارجية أو الداخلية لا وجود لها.

تعليق_فسؤال

الملاحظ على ممارسات وسائل الاعلام وخطوطها السياسية, أنها لم تستطع الخروج من دائرة الاتهام ,والتخلص من وصمة المتلاعبون بالعقول, أو ربما هي لازالت تتشبث بنفس الدائرة, بغية حماية كيانها ومصالحها الخاصة, بالاعتماد على أساطير مكشوفة منذ عام 1973م.

فهل هو حق أم أمر واقع على وسائل الاعلام أن تتبناه ؟