من ضمن العادات الغير متداولة في مجتمعاتنا العربية هي ثقافة التساؤل والاستفسار، سواء في المنزل أو في المدرسة أو في العمل، الشخص كثير السؤال مصدر قلق وشغب، وكثيرا ما يلقبونه بالفضولي، قد تجد الأم تتذمر من كثرة تساؤل ابنها أو ابنتها، والمعلم يغضب كثيرا من الطالب كثير الاستفسار وحتى في بيئة العمل؛ لكن لم يعد الأمر كما كان سابقًا.

الاستفسار والسؤال هو مفتاح التعلم الأعمق

لا شك أن كثرة التساؤلات تجعل الأمور أكثر وضوحًا، وقد تظهر جوانب قد يغفلها المجيب وليس صاحب السؤال فقط، أتذكر في المرحلة الثانوية كان هناك معلم ينتهج هذه الثقافة، كان يُدرس لنا مادة الحاسب الآلي وبالمناسبة كانت لا تضاف للمجموع، بعد شرح الدرس كان المدرس يترك المجال للنقاش وللأسئلة، بداية الأمر كانت الأسئلة قليلة ومحدودة فليس الجميع لديه الجرأة والشجاعة لطرح السؤال، وليس كل المعلمين لديهم صدر رحب لتقبل كل أنواع الأسئلة.

تدريجيا استطاع المعلم بطريقته تعزيز ثقافة التساؤل لدينا، وبعد التغلب على الخوف والقلق، أصبحنا نتطرق لجودة السؤال، فلم تعد الأسئلة تُقال دون وعي أو تفكير بل أصبح كل فرد يسعى لخلق ثقافة التحقيق الخاصة به، وبالمناسبة كان هو المعلم الوحيد الذي انتهج هذه الثقافة، وأيضا الحصة الوحيدة التي كانت تتطرق لنقاشات وحوارات وأسئلة تخلق بيئة مختلفة وتعود بالنفع ليس على الطلاب فقط بل على المعلم أيضًا.

تخيل الآن أنك ذهبت لشراء هاتف، وأقنعك البائع بهاتف معين وأنت اقتنعت وأشتريته.

لكن مهلًا ماذا لو طرحت التحقيق الخاص بك حول كيفية شراء هاتف مميز؟ هل ستكون النتيجة واحدة أم الخيار الناتج عن التساؤل سيكون أفضل، بالطبع الخيار الناتج عن التساؤل والاستفسار هو الأنجح.

لكن ماذا عن هذه الثقافة في الإدارة؟ هل تكون سببا في نجاح الإدارة أم فشلها؟

تخيل بيئة عمل ما تفتح باب التساؤلات وتقبل السؤال من موظفينها، وتشجع وترحب بذلك، هل هذا يخلق بيئة غير مناسبة للعمل وتجاوز للصلاحيات أم يكون بيئة مناسبة تساعد على حل المشكلات الحل الأمثل؟

وعلى أي عاتق يقع تعزيز هذه الثقافة، المدراء أم الموظفين؟