من منا لا يترك شيئاً معلقاً في حياته، يدعه معلق لأنه يأبى بأن يدخل به هزائم المواجهة، يدعه معلق لأنه معقد، معقد بشكل جميل ومرن يدخل إلى الأعماق من شدة الإدراك، يدعه معلق لأنه متناقض، فهو رقيق تتشتت به الأحاسيس وثقيل كثقل الجبال، يا لهذا التعقيد فهو بحاجة إلى فائض من المجازفة لمواجهته.

تراه كضباب رقيق وناعم، تراه كتكاثف نجوم ضعيفة بعيدة كأنها سحابة رقيقة ينبعث منها نور خفيف، هكذا هو كأنه سديم، ولكن لماذا نبقيه معلقاً.

لأنه نصف حلم، نصف واقع، نصف حل، هل تكمن القوة في القدرة على إخفائه أو بالقدرة على مواجهته والتعمق بأدق تفاصيله، ولكنه أقوى من أن تحتويه وأضعف من أن تتركه.

أين تذهب تلك التفاصيل الضائعة، وهل سيبقى لها قيمة في يوماً من الأيام، هل هي مرمية في زاوية من زوايا عمرك، أم ثوب الحيرة سيبقى ملاصقاً لها، متى ولدت، ومتى كبرت، أم هي لا منطقية وجدت هكذا، ربما كانت معلقة في عهد قديم أو في عجز حديث، أم نحن نخلط بين القديم الغامض والحديث المجهول.

هو شيء من البرمجة غير الشعورية بالعقل الباطن، لا يغيرها سوى تغير نظرتك للحياة، لأنه لا يوجد شيء محير بالمطلق، فحياتك هي قصتك أنت، أنت بطلها الوحيد، وأنت من تضع بها الشخصيات والحوارات والنهايات، وأنت من تسمح بأن يكون لها جزء ثانٍ وثالث ورابع، ولكن هنالك أمور أجمل لو تبقى معلقة، لأن وضوحها ربما يكسر شيئاً جميلا بداخلنا، ولربما تدفع ثمنها ضريبة غالية..... غالية جداً.

بقلم سهام السايح