وأنا طفل صغير، كنت أحاول دائمًا أن أرسم رسمًا يحاكي الواقع، وكنت أفشل كأي طفل وينتهي بي المطاف بكرة على عصا يخرج منها ٤ اطراف وذيل من الأسفل، وكنت أعتبره شخصًا، ولا يبدو لي أني الوحيد هنا، كذلك رسومات الكهف في غالبها، ولكن إذا ما حاول الإنسان رسم الحيوان وجدت رسامًا خارقًا للعادة، ولكن ليس هذا موضوعنا، أنا فقط راودني سؤال، ما الحد الفاصل بين الصورة والرسم؟ ماذا قد نقبل أن نراه في رسمة ولا نقبل أن نراه في صورة؟ ولمَ نفرق بين هذه وتلك؟ هل مبادؤنا تتجزأ؟

موضوع اليوم سيتناول عدة موضوعنا يختلف فيها رد فعلنا عليها باختلاف طريقة العرض، هذا الموضوع لمن تزيد أعمارهم عن ١٨ لأنه يتضمن بعض المصطلحات التي قد تؤذي مشاعر البعض، فقط يمكنك ألا تقرأه وتريح أعصابك.

كان يدور في خاطري سؤال حول سبب استمرار الرسم بعد اختراع الكاميرا، ويزداد عجبي كلما تقدمت التكنولوجيا، وكاد بإمكاننا جعل كل مستحيل واقع، إذن لمَ تبقى الرسم؟ بالتأكيد يمكنني رؤية محاولات بيكاسو وغيره وخصوصًا المدرسة الواقعية في الإبقاء على الرسم وإثبات أهميته، فالرسم لا يُشترط فيه الواقعية كما كان قديمًا، بل ما يميزه حقًا هو بصيرته وقدرته على النفاذ لما في داخلنا، وتحريك المشاعر، وهذا ما تحدثنا عنه في مقالة سابقة عن البؤس والفن الحقيقي، فتجد لوحة "الصرخة" أحد أهم اللوحات وأشهرها، ولكن أيضًا هنالك بعد آخر للرسم، فهو يمثل منفذًا خلفيًا لكل شهواتنا المكبوتة، الغريبة، التي لا يمكننا أن نفعلها واقعًا، وهذا موضوع اليوم، وسأبدأ بأقوى كروتي

الجنس

من المعلوم أن السينما لديها حدود لما تقبل أن يعرض على الشاشة، وإن ظهرت هذه الحدود اير واضحة في أيامنا هذا، ولكنها تضع على الأقل معاييرًا تضمن ألا يكون الفيلم فيلمًا إباحيًا في أغلب مشاهده -أعتقد أننا سنثتثني فيفتي شيدز أوف بطاطس، وألا يتضمن أي مشاهد جنسية للقاصرين وأي محتوى بيدوفيلي وغالبًا زوفيلي فيه مشاهد جنسية صريحة وقحة وكاملة، يستثنى من ذلك أي تلميح أو أي مشهد غير واضح تمامًا، ولكن حالة البيدوفيليا أكثر حساسية لذا أي تمثيل لهذه الممارسة وإن لم تحدث على أرض الواقع يجعل الفيلم يُمنع في أغلب الدول، وأي محتوى يتضمن عنف شديد قح وقتل فعلي للحيوانات يُمنع كذلك، والعنف الشديد لا تعريف محدد له، ولكنه عامة كل ما سيدفع كل المشاهدين للتقيؤ.

وهذه القوانين واضحة وبسيطة، ولا أعتقد أن أحدًا سيختلف عليها، وكلها تعتمد على الرفض المجتمعي لهذه الظواهر، وركز على كلمة الرفض المجتمعي، ولكن عادات المجتمعات وأخلاقهم تختلف، مما يفسح المجال للكثير من التغيير، وسيكون الحديث هنا بشكل أساسي عن البيدوفيليا لأنها أبشع ما استُخدم الرسم لتحقيقه، وسيكون من الأفضل لو قرأت هذا المقال أولًا لتفهم جزءًا كبيرًا من حديث اليوم:

كوكب اليابان الذي يحلم به الكثير، هو موطن للكثير من العجائب كذلك، كما أنه كوكب فعلي ينفرد بعادات أهله وأخلاقهم، حتى سماهم الكوريون شياطينًا وقت الحرب، ومن أفضل ما قدمته اليابان للعالم كان المانجا، هذه القصص المصورة التي تتبع أسلوبًا في الرسم يجعلها تختلف عن الكرتون، والتي تجذب الملايين اليوم -وأنا منهم- لأنها تروي قصصًا مختلفة من مخيال ياباني عبقري، تلاهم في التقليد الكوريون والصينيون واخترعوا قصصهم المصورة، ولكن لم يسلم فن المانجا أو الكرتون من الشر، فبعيدًا عن وجود فئة "الاتشي" و"هنتاي" في المانجا، وهي فئة جنسية بحتة لا تختلف عن أي فيلم إباحي، فهنالك فئات أكثر عمقًا وسوءًا يعرفه مجتمع المانجا ولا يعترض عليها أحد.

هذه الفئات تتضمن مانجا بيدوفيليا حيث الممارسات الجنسية مع الأطفال، وزوفيليا ونبكروفيليا، وكل أنواع الفيتشز المختلفة، مرسومة بدقة عالية قد تفوق أحيانًا الصور، ومسموح بها على شبكة الإنترنت بشكل طبيعي، بينما غير مسموح بأي محتوى بيدوفيلي أو أي إباحية تتعلق بالأطفال وإن لم تظهر فيها ممارسة حقيقية من صور وفيديو -تحدثنا سابقًا عن مدى انتشار هذا المحتوى وطرق انتشاره وأنه فقط محظور على الورق.

وتختلف الألوان والأشكال، أكثرها انتشارًا هي الوليز، والتي تظهر عادة في الأنمي حتى، وبعض الفئات الأخرى الاقل شهرة التي تصور الجنس بين الجنسين أو الجنس الواحد بشكل بيدوفيلي قد يصل لحد الرضع، ولا توجد أي رقابة أو قانون يمنع انتشار هذه المانجا أو بيعها وشرائها.

العنف

العنف الذي مُنعت بسببه بعض الألعاب والأفلام لا يوجد منع وحظر مقابل له في المانجا، والتي قد تصل لمستويات عالية من الرعب، أتذكر بعض المانجا التي شاهدتها أصابتني بهلع لم أعهده في أسوء أفلام الرعب العادية بل حتى الممنوعة -إن تذكر بعضكم ذلك الفيلم الذي منع لأنه كان يتحدث عن آكلي لحوم البشر.

الأسباب

أعتقد أن طبيعة وعادات المجتمع الياباني تمثل جزء كبير من هذه الأسباب، بالتأكيد الرسومات البيدوفيلية لا تقتصر على المانجا وتوجد أيضًا في الرسومات الكرتونية، لكنها تنفجر بشكل فج وتتشعب في المانجا بشكل مخيف، لا توجد أي حدود تمنع ذلك، كما لا توجد أي قوانين صريحة تتعلق بذلك.

أعتقد أن هذه المانجا محاولة للإحتيال على عقول العامة، أراها كما عرضنا قبل ذلك في سلسلة الجنون ١٠١ محاولة للإحتيال علينا، فيقول لك الأفلام البيدوفيلية ممنوعة، بينما يتناقلوها في مجتمع سري من السهل الإمساك بأطرافه ولكن لا أحد يتحرك لفعل ذلك، طالما الأمر لا يمس أموال الأخ الأكبر، وطالما بعض علية القوم يحبون هذا، ويبدو لي هذا النوع من المانجا هو إنعام علية القوم الغربيين على البيدوفيليين الفقراء، بينما في اليابان فلا إنعام ولا غيره، فالثقافة العامة أصلًا تشجع على ذلك.

دائمًا ما تسائلت عن السبب الحقيقي لمنع البيدوفيليا، هل لأن الفعل قبيح في ذاته؟ أم لأنه فقط يتضمن الأطفال؟ أعتقد أني تيقنت الآن أن أصحاب القرار لا يرون الفعل قبيحًا في ذاته، وإلا لما سمحوا به في الرسومات، ولكنهم يعترضون فقط على استغلال الأطفال، ولا أرى أي "لا منطقية" في فعلهم هذا، فلن يقبض أحدهم على شخص لأن خيالاته تتضمن اغتصاب الاطفال -وإن كان البعض يود فعل ذلك.

البعض يرى توفير البدائل للبيدوفيليين، منها الدمى الجنسية والمانجا، طالما أنها ستساعدهم في تفريغ شهوتهم بعيدًا عن الأطفال، وطالما أنهم لا يعدونهم مرضى نفسيين.

إذًا عزيزي القارئ، ما هو الفرق بين الصورة والرسم؟ ما الحد الذي يحدد ما نقبله في الرسم ولا نقبله في الصورة؟ هل ترى الإبقاء على هذه الأنواع من المانجا بحجة أنها تحد من خطر البيدوفيليين على المجتمع؟ إذا كنت ترى منع البيدوفيليا لأنها تتضمن استغلال الأطفال، فهل تقبل أن يقوم خبير فوتشوب بتصميم صور جنسية للأطفال؟ هنا لن يحدث أي استغلال جنسي للأطفال، بل يمكننا اليوم خلق صور غاية في الواقعية وتحريكها، فهل ستقبل بفيديوهات إباحية بيدوفيلية طالما أنها لا تستغل الأطفال، أم ماذا؟

وجب التنويه إلى عدة قضايا في بلدان العالم عوقب فيها الأفراد لحيازتهم مانجا بيدوفيلية، ولكن حديثي الأساسي هنا عن الإنترنت، والذي يبدو لأي عاقل أنه يمكنه بشكل جيد جدًا التحكم في مدى ظهور هذا المحتوى.