السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تصنيف هذا الموضوع: عام، فهو ليس دينياً فقط! أو تقنياً فقط! بل هو عامٌ للجميع وخاصٌ لأعضاء حسوب المكرَّمين، لأن البعض يظن أنني لا أحشر أنفي إلا في المواضيع الدينية فقط! وأفرض آرائي وملاحظاتي على كل من يُخالفني! وهذا خطأ وسوء فهم، بل وجب على من وجد فيَّ تناقضاً أو تعدِّياً أن يُنبهني، فما أنا إلا بشرٌ مثلكم أُصيب وأُخطئ، فلستُ ملكاً مُقرَّباً ولا رسولاً مُرسلاً، بل إنسانٌ يُحب الخير للجميع، ويُحب إبداء الآراء وطرحها ونقاشها، بعيداً عن الحقد والحسد والبغض واللغط، فأنا هنا أناقش كلام الجميع، صغيرهم وكبيرهم من أوافقهم ومن لا أوافقهم، و أخيراً أقول ما أجمل زر راسلني.

الخطأ.

الخطأ كلمةٌ يخاف منها الجميع منذ البدايات، فكل مبتدئ في كل مجال يخاف من الخطـأ بل يريد أن لا يُخطئ فلو أخطأ إما أن يترك عمله أو أن يتحول إلى غيره، لكن إن نُصح ونُبه وبُيِّنَ له أنه يجب عليه أن يصبر ويُخطئ مرةً تلو مرة حتى يصل إلى مراده لوصل حقاً إلى مُراده.

فلو تتبع بعضكم قصص الناجحين لوجد أن جميع الناجحين كانوا يوماً من الفاشلين وأُولى خُطوات الفشل الخطأ، وأولى خطوات النجاح الفشل! يالها من مُعادلة!

وما أجمل ما قاله الدكتور خالد بن صالح المنيف في كتابه الماتع النافع (أفكار تحيا بها:ص24):

إن الخوف من الانتقاد وخشية الفشل هي العقبات الأساسية أمام التطوير، ولكي تتغلب على تلك العقبات، عليك أن تُؤمن إيماناً تامًّا بالله أولاً وأخيراً ثم بنفسك وبقدراتك، وأن لا تقلق بشأن ما يعتقده الآخرون أو ما يقولونه أو ما يفعلونه.

الأخطاء تُعلِّم يوماً بعد يوم، فلا يمر يومٌ إلا وقد أخطأت في أي شيء وفي أي مكان وزمان، فلو أرسلت طفلك أو أخوك الصغير إلى الماركت لشراء السحور وقلت له هاتِ حليب المراعي (شركة المراعي للأبان)، وأحْضَرَ لكَ حليب العين (شركة للألبان)، وحليب العين مذاقه على غير المعتاد فمن الأفضل لك أن تقول له: (أنت أخطأت في اختيار الحليب وأنا كنت قد قلت لك هاتِ حليب المراعي، لكن لا بأس لعلك تحضره غداً)، إن فعلت معه ذلك فصدقني سيكبر ويتزوج ولن ينسى هذا الكلام منك ولن يتكرر هذا الخطأ منه، لماذا؟ لأنه علم أنه أخطأ وانتبه لخطئه وتعلم منه، ومثال آخر: طفل لعب بالنار فلو قلت له: (نااار نااار أووف أووف أخ أخ) وهذه كلمات بمعنى التوبيخ وعدم اللمس والإقتراب، فلن يدرك الأمر إلا عندما يلمس النار بيده ويتذوق حرارتها ويشعر بالألم، حينها إن سمعك تقول ذلك وهو يريد أن يشرب ماءً بارداً لخاف من الماء البارد أن يحرقه! لماذا؟ لأنه تعلم من الخطأ التي ارتكبه سابقاً، وترسخت في ذهنه تلك الكلمات، وعرف أنها كلمات تحذير لا لعب، ولذلك لا يريد أن يكرر الخطأ حتى لا يتألم مجدداً، وهكذا الدائرة تدور وتدور ولا تتوقف من الأمثلة الحيوية.

الكل يُخطئ ولا يوجد على وجه هذه الكرة التي نعيش بها أحد لا يُخطئ، وما أجمل من يُخطئ ثم يدرك أنه مُخطئ ثم يتراجع عن خطئه ويُعلن أنه كان على خطأ، لكن من تمادى في الخطأ وتعمق فيه، يكاد يُعمى على بصره حينما يُصِّرُ على خطئه هذا!

لذلك؛ من أفضل الناس الذين يُحِبُونَ الناس ويُحَبُونَ من الناس هم المخطؤون الصادقون، أو المخطؤون المتراجعون عن خطئهم حينما يُعْلِمُهُم أحدٌ أنهم في خطأ.

وخذ هذه الأمثلة كأدلة عقلية لما أقوله:

حينما تتعلم كلمةً جديدةً في لغةٍ ما، ونطقتها بنطقها الصحيح، ورأيت غيرك ينطقها بطريقة خاطئة بل ربما مُضحكة، فليس من اللائق بك أنت أن تتركه وشأنه! بل خذ بيده نحو الفراغ وكلِّمه وعلمِّه وانصحه.

كلنا نعلم أن: 1+1=2 لكن ماذا لو صادفت رجلاً يقول: 1+1=3!! ماذا ستقول؟ ستقول مجنون صحيح؟ طيب، ماذا لو علمت أن هذا الرجل جادٌ في كلامه وصادقٌ في عباراته وأنه تعلم هكذا من المدرسة، هل ستتركه هكذا وحيداً مسكيناً لا يعرف أبسط مسائل الرياضيات؟ أم ستعلمه وترحل عنه؟ صدِّقني لو تركته لقلنا إن قلبك قاسٍ وخالٍ من الرحمة، هذا هو الواقع قلبك خالٍ من الرحمة لو تركته دون نصحٍ ولا تنبيه أو على الأقل إشارة!

طيب، ماذا لو وجدت مبرمجاً مبتدئاً يكتب الكود بطريقةٍ خاطئة ولم ينتبه لها مثلاً وضع كود قبل كود ربما تضر بصفحة الويب وربما لا تضر ولكن بشكل عام هذا خطأ والصحيح وضع الـ بعد رمز الـ أليس كذلك؟ إذاً هل ستمر أمامه مرور الكرام أم تُنبهه على خطئه هذا الذي لا يكاد يُخطئ فيه أي مبرمج؟

ماذا لو صادفت مصمماً يستخدم ألوان مزعجة وتضر بالعين، قد تكون من وجهة نظره جميلة، لكن 98% ممن رأو الصورة مجمعون على أنها مُضرةٌ للعين ومزعجة، هل ستنصحه بتغيير الألوان وأن هذا خطأ أم ستتركه على خطئه حتى يترك التصميم بالكليِّة؟

لو رأيت يوماً مقالاً مليئٌ بالأخطاء الإملائية وعنوانه:

كيف يمكنكك ان تكسب قولب الناس اليك ؟

وهو يعني: (كيف يمكنك أن تكسب قلوب الناس إليك؟) بالله عليك هل ستقرأ مقاله ما دام هذا هو عنوانه؟ إن كانت لك غيرةٌ على اللغة العربية، وكنت ممن ينزعج من قراءة الأخطاء الإملائية فلا أظن أنك ستقرأه أبداً، طيب، ماذا لو راسلت الكاتب ووضحت أن لديه بعض الأخطاء حتى ينتبه لها ويتعلم منها، نعم، لا يخلو مقالٌ من خطأ لكن غالبها أخطاءٌ غير مقصوده لكن من بدَّل التاء المربوطة بهاء ومن بدَّل بهمزة القطع همزة الوصل ومن كتب باللهجة هذا لا يمكن أن يُسمى بخطأ غير مقصود، هنا نقول إن الشخص لم يتعلم هذه الأمور أو يتدرب عليها قبل أن يكتب مقاله.

لذلك؛ الخلاصة من هذه الأمثلة أنه ليس كل شخص معصوم، وكل الناس تُخطئ في كل شيء إلا من استُثنى، ولا يوجد هناك أحدٌ لا يُخطئ، والأخطاء أنواع، فهناك الأخطاء المطبعية، والإملائية، والنحوية، واللغوية، والعقدية، والتفسيرية، والبرمجية، والتصميمية، والعلمية، والرياضية، والأصولية، والفقهية، والكهربائية، والتصنيعية، والطبية، وكثيرٌ كثير! لذلك من كان ذا علمٍ باللغة فعليه أن يُنبه بالأخطاء، ومن كان ذا علمٍ بالبرمجة فعليه أن يُنبه عن الأخطاء، ومن كان ذا علمٍ بالطب فليه أن يُنبه عن الأخطاء، ومن كان ذا علمٍ بالدين فواجبٌ عليه أن يُنبه عن الأخطاء، لا أقول عليه بل واجب

لماذا؟

لأن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (مَنْ كَتَمَ عِلْمًا مِمَّا يَنْفَعُ اللَّهُ بِهِ فِي أَمْرِ النَّاسِ فِي الدِّينِ، أَلْجَمَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنَ النَّارِ). [رواه ابن ماجه وقال الألباني -رحمه الله-: حسنٌ صحيح].

ولأن العالم الذي لا يعلم الناس ما يعلم يكون من أول من يُعذب في النار، وإلا فما فائدة العلم من دون عمل ولا تعليمٍ للناس، والدليل ما جاء في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال صلى الله عليه وسلم: (...وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ، وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ. قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكنَكَ تَعَلَّمتَ العِلمَ ليُقَالَ: عَالِمٌ، وَقَرَأتَ القرآنَ لِيُقَال: هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلقِيَ فِي النَّارِ...)[رواه مسلم].

وكما قال الشاعرِ:

وَعالمٌ بِعِلْمِهِ لَمْ يَعْمَلَنْ ... مُعَذَّبٌ مِنْ قَبْلِ عُبَّادِ الوَثَنْ.

لذلك فأنا أقول: تصحيح الخطأ من صاحب الخطأ ليس بخطأ !.

والحمد لله رب العالمين.