لعلك صانع محتوى طموح تفكّر في طريقةٍ لاجتذاب جمهورٍ أكبر في الأيام القريبة، أهم حدثٍ إسلامي قريب سيكون شهر رمضان المبارك، موسم التسويق الأبرز في السنوات الأخيرة والتنافس بين الشركات والمسلسلات (آسف لهذا ولا أشجع أن يتمحور رمضان حول هكذا أمور)، أظن أنك قد فكرت بأن تقوم بخطةٍ تسويقيةٍ رهيبة خلال رمضان، لكنني أعتقد أنك لن ترغب في تنفيذ هذه الأفكار، ليس بالضرورة لأنها أفكارٌ تسويقية سيئة أحيانًا، بل لأسبابٍ أكثر شخصية:

محتوى كل يوم: فكرةٌ رهيبة تجذب الكثر خصوصًا إن تميّزت، تقوم على نشر نوعٍ موحّد من المحتوى يوميًا طوال الشهر، مثل كتابة تدوينةٍ كل يوم، تسجيل فكرةٍ كل يوم، تصوير مقطعٍ كل يوم. هنالك الكثير من الأفكار، لكن ما تعلّمته من رمضان السابق هو: ابتعد عن هذا! خصوصًا إن كان المحتوى متعب، في رمضان السابق، عملت على صناعة المحتوى كمتطوعٍ لمجلّةٍ علمية، كانت لدي الكثير من الأفكار الطموحة والمتحمّسة، أهم فكرتين كانا تلخيص خطابٍ من TED كل يوم وتلخيص قصة حياة عالمٍ كل يوم. حسنًا، كان الأمر مؤلمًا ورهيبًا، سارت الأيام بطريقة رائعة، لكنني سرعان ما انهرت بالوصول إلى اليوم التاسع، عدنا لمراتٍ وأكملنا إلى منتصف الشهر تقريبًا، لكننا لم نتمكن من ختم العمل كما أردنا، كان العمل صعبًا جدًا، خصوصًا وأننا لم نعد له وقررنا صناعة المحتوى صناعةً حيّة ومباشرة خلال أيام رمضان، وكان هذا أكبر خطأٍ ارتكبته، كتابة التدوينة الواحدة -مع أنها بالغة الاختصار- كانت تتطلب ساعتين إلى ثلاثٍ أحيانًا، هذا غير التصميم وإيجاد الصور -خصوصًا مع العلماء المسلمين سامحهم الله- والنشر.

تخصيص الوقت: فكرةٌ مميزة أيضًا ولم أرها عند أحدٍ حتى الآن، الفكرة هي أن تجذب الزوار عبر تخصيص ساعةٍ موحّدة كل يومٍ أو يومين مثلًا، فتخصص الساعة التاسعة مساء كل يوم للإجابة عن أسئلتهم، أو تخصص الساعة العاشرة للّعب المباشر، أو تخصص وقتًا من كل يومٍ للكتابة. عمومًا، سيبدو الأمر ممتعًا وحماسيًا في البداية، لكنك سرعان ما ستمر بمشكلة "المنطقة الزمنية المكروهة" [1] وتنهار أو تكمل حزينًا متألّمًا.

التحدي الذاتي: ممتع، ومسلٍ، لكنه خطر، خصوصًا عند مقدمي المحتوى الأكثر شهرة، قد يكون التحدي هو عدم التدخين طوال الشهر، أو قراءة كتابٍ كل يوم، أو محاولة الحصول على 90 ألف دولار من خمسات، المشكلة هي أنك قد لا تفعل ذلك، أو بالأحرى، لن تفعل ذلك إذا كنت حقًا ستقوم بآخر واحدة. حاول أن تجعل التحدي سهلًا، أو قسّم الشهر إلى أربع تحدياتٍ مثلًا، المهم، لا تقل بأنك ستفل س الصعب في ص المدة الطويلة. إذا أخطأت، ستخسر كثيرًا من المصداقية، وخصوصًا إذا قدّمت عهدًا أو وعدًا بذلك، بدلًا من ذاك، انطلق بالعمل مباشرةً ولا تسوّق لذلك.

المشترك في كل هذه الأمور: لا تحاول تخصيص هذا الشهر المبارك لأمرٍ ثانويٍ كي يستنزف وقتك، اعمل أكثر على عباداتك أو أعمالك، وحالما ترى أنك صرت تكره فعلًا محددًا، حقًا، توقف فورًا، أبق ذكرى رمضان القادم جميلة في ذهنك.


[1] "المنطقة الزمنية المكروهة": ما يحدث حينما تتعلّق منطقة زمنيّة محددة في نفسك بعملٍ مكروه أو فشلٍ متكرر لمدةٍ روتينية، أمثلة: ساعة ذهابك إلى العمل. ساعة استيقاظك إلى العمل. ساعات عملك. الخمس دقائق المملة قبل نهاية عملك.