أن شهرة هؤلاء لا تأتي من أفعالهم، بل من اهتمام الناس بهم، وأن تعييرهم أو السخرية منهم قد تؤدي إلى أن نقع في نفس الذنب أو نفقد من حسناتنا.

📜 نص نثري: لا ترفع السفيه… بالصمت تنتصر!

في زمنٍ اختلطت فيه القيم، وتقدّمت فيه الأصوات الفارغة على العقول الراجحة، صارت الشهرة تُنال بلا مضمون، ويُسلّط الضوء على من لا يستحق، لا لأنهم عظماء، بل لأن العقول انشغلت بهم… والسفهاء لا يصعدون إلا على أكتاف من يردّ عليهم.

ربما تثيرك مشاهدهم.

ربما يوجعك ما يصنعونه من تفاهة أو فجور أو استهزاء…

فتغضب لله، فتسخر، أو تعيّر، أو تقول: "انظروا ماذا يفعل هؤلاء!"

لكن تمهّل…

فقد تكون بذلك قد مددت لهم سلّمًا يصعدون به، وجعلت من ذكرك لهم قيمة لم يكونوا ليحصلوا عليها بدونك!

❗احذر… فإن العيب قد يرتدّ عليك

قال رسول الله صل الله عليه واله وسلم :

"من عيَّر أخاه بذنبٍ، لم يَمُتْ حتى يَفعَله."
📚 [رواه الترمذي – حديث حسن صحيح، رقم: 2505]

حين ترى من وقع في معصية أو سفاهة، وتعيّره بذلك، تُفتح عليك فتنة قد لا تُغلق، فتقع فيما سخرْت منه، وتُذلّ بما ظننت أنك منه بعيد، لأنك لم ترحمه ولم تستر عليه، بل استخففت به.

❗بل تفقد من حسناتك وأنت لا تدري!

قال النبي صل الله عليه واله وسلم:

"أتدرون ما المفلس؟" قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع.
فقال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاةٍ، وصيامٍ، وزكاة،
ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا،
فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه،
أُخذ من خطاياهم فطُرحت عليه، ثم طُرح في النار."
📚 [رواه مسلم – رقم: 2581]

هكذا ببساطة… تخسر صلاتك، وصيامك، وصدقاتك… لأجل كلمات غاضبة أو سخرية ساخطة ألقيتها في لحظة، على من تظنه لا يستحق الاحترام.

📖 وتذكّر قول الله تعالى:

"ولا تلمزوا أنفسكم، ولا تنابزوا بالألقاب، بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان، ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون."
📖 [سورة الحجرات: 11]
"يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرًا منهم…"
📖 [سورة الحجرات: 11]

هذه الآيات لا تنهى فقط عن اللمز والسخرية، بل تعتبرها نوعًا من الفسوق بعد الإيمان، إن لم يُتب منه!

💬 طيب، كيف نرد على التافهين؟

لا نرد!

هذا هو الرد.

فكما قال الإمام الشافعي:

"إذا نطق السفيه فلا تجبه، فخير من إجابته السكوت."

لأن ردّك عليه يُحييه، ويجعله مساويًا لك في الحوار، بل وقد يظن الناس أنك تشبهه.

والناس لا تفرق أحيانًا بين من تكلم أولًا ومن ردّ عليه… الكل يُحسب ضمن المشهد.

🌿 من الحكمة الصوفية:

في الفكر الصوفي، الذي يربّي القلب قبل اللسان، يُقال:

"من أراد أن ينتصر على الباطل، فليرفع عنه يده ولسانه… فإن الباطل إذا تُرك، مات، وإن شُهر، عاش."

فالجهل لا يُناقش، والسفاهة لا تُجادَل… بل تُدفن تحت صمتٍ حكيمٍ، لا يرى فيها قيمة تستحق الرد.

🧠 خلاصة النص:

  • لا تعيّر أحدًا بذنب، حتى لا تُبتلى به.
  • لا تسخر من أهل السفاهة، حتى لا تخسر حسناتك.
  • لا تذكرهم، حتى لا تصنع لهم قيمة.
  • لا تُشهر بهم، حتى لا تُساعدهم في الصعود.
  • ولا تنسَ أن الساكت عن التافه… منتصرٌ بكرامته.

📌 الرسالة الأخيرة:

أيها النقيّ…

حين ترى من يسقط، فارفع نفسك بالصمت، لا تُشارك في صخبهم باسم الحق،

ولا تمنح باطلهم من نورك، فإنك حين تفعل، تخسر… وهم يربحون على حسابك.

"رحم الله امرأً عرف قدر نفسه… وكفّ شره عن غيره… وأمسك لسانه عن سفهاء قومٍ يرقصون على تراب الأخلاق."