قال الإمام الحسين عليه السلام في حواره مع الملعون الوليد

الوليد : نحن لا نطلب إلا كلمة

فلتقل : " بايعت " واذهب بسلام لجموع الفقراء

فلتقلها وانصرف يا ابن رسول الله حقنا للدماء

فلتقلها.. آه ما أيسرها.. إن هي إلا كلمة

الحسين : ( منتقضا ) كبرت كلمة !

وهل البيعة إلا كلمة ؟

ما دين المرء سوى كلمة

ما شرف الرجل سوى كلمة

ما شرف الله سوى كلمة

ابن مروان : ( بغلظة ) فقل الكلمة واذهب عنا

الحسين : أتعرف ما معنى الكلمة...؟

مفتاح الجنة في كلمة

دخول النار على كلمة

وقضاء الله هو الكلمة

الكلمة لو تعرف حرمة

زاد مذخور

الكلمة نور

وبعض الكلمات قبور

بعض الكلمات قلاع شامخة يعتصم بها النبل البشرى

الكلمة فرقان بين نبي وبغى

بالكلمة تنكشف الغمة

الكلمة نور

ودليل تتبعه الأمة

عيسى ما كان سوى كلمة

أَضاء الدنيا بالكلمات وعلمها للصيادين

فساروا يهدون العالم !

الكلمة زلزلت الظالم

الكلمة حصن الحرية

إن الكلمة مسئولية

إن الرجل هو الكلمة

شرف الرجل هو الكلمة

شرف الله هو الكلمة

ابن الحكم : وإذن ؟!

الحسين : لا رد لدى لمن لا يعرف ما معنى شرف الكلمة.

ليست الكلمة حروفًا تُنطق فقط، بل نور يَصدُر عن القلب، أو ظلمة تخرج من الهوى. هي موقف قبل أن تكون صوتًا، وهي ميزانٌ بين الطهارة والدناءة.

لقد وصف الله سبحانه وتعالى **المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام** بأنه **"كلمته"**، فقال:

> *"إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه..."*

> (النساء: 171)

فكأنما أراد الله أن يقول للعالم: إن الكلمة إذا صدرت من نور الحق، خلقت حياة، وبعثت روحًا، وكانت آية للناس.

وفي هذا المعنى، تتجلّى **كلمة المؤمن الصادقة**، حتى لو كانت بسيطة، فإنها تؤثّر، وتخترق القلوب، وتلمس الأرواح. لأنها تنبع من قلب طاهر، مليء بالإيمان، يُضيء بنور الله، كما يعكس القرآن أنواره في صدور عباده.

فكلمة المؤمن ليست فقط تعبيرًا، بل هي **مرآة لنور قلبه**، وهي صدى لذلك النور الذي يسكن قلبه بالإيمان، ويشعّ على جوارحه صدقًا ونقاءً.

بل إن **الفعل الصادق في ذاته، هو مشهد من الكلمة**. هو تجلٍّ عملي للصدق الكامن في الكلمة. فإن كان القول حقًا، فلا بد أن يتبعه فعلٌ يُثبت معناه. وإن لم يصدقه الفعل، كانت الكلمة فراغًا لا روح فيها.

إن **المؤمن الصادق، كلمته تسبق فعله، وفعله يُصدق كلمته**، فكأنما حياته كلّها بيانٌ مستمر للحق.

أما القلوب الحاقدة، فمهما نطقت من كلام، فإن العقل والقلب السليمين يرفضانها، لأن الكلمة الكاذبة صوتٌ مكسور، لا يطمئن له الفؤاد، ولا يَسكن له الضمير. الكاذب مهما قال، لا يؤثر، لأن كلماته خالية من الروح، محرومة من النور.

---

### ✦ الختام:

**الكلمة هي اختبار الروح،

ميزان القلب،

وصدى الإيمان.**

فليحذر الإنسان مما يقول، كما يحذر مما يفعل،

فالكلمة الصادقة حياة،

والكلمة الزائفة قبر.

وقد قال الحسين عليه السلام كلمته، فصار بدمه كلمةً خالدةً في وجه الباطل، ودرسًا أبديًا:

أن الكلمة ليست ملكًا للسان، بل رسالةٌ من القلب، وأمانةٌ في ضمير الزمن