من أراد أن يرفع من بيانِه وفصاعتِه؛ فعليه بتثويرِ القرءان، والتّأمّل في تَراكِيبِه وأساليبه، ففيه من البلاغَةِ والفَصاحةِ مَا لا مَطمحَ بعده، فقد عجز الإنس والجنّ عن الإتيان بِسورة أو آيةٍ من مِّثلِه، فقال قائلهم بِبَطنِ مكّة -بعد سَماعِه-:   "وَاللَّهِ إِنَّ لَهُ لَحَلَاوَةً، وَإِنَّ عَلَيْهِ لَطَلَاوَةً، وَإِنَّ أَعْلَاهُ لَمُثْمِرٌ، وَإِنَّ أَسْفَلَهُ لَمُغْدِقٌ، وَإِنَّهُ لَيَعْلُوُ وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ."

ومازالت أقوال أهل الأدب تَحضّ -الباحث عن الفصاحة-؛ على الإغتراف من معِينِه، والنّهلِ من حِياضِه، وفِي عصرنا الحَاضِر وقف الأدباء على هذه الحقيقة؛ فدعوا إليها -مسلمين أو مسيحيين-، فهذا الأديب الشّامي -محمد كرد عليّ يقول-:

"إذا درس العربيّ القرءان حقّ دِراستِه، لا يحتاج إلاّ قليل من كلامِ العربِ ليعدّ من البلغاء الفصحاءِ"

[مذكراته ج: ٤ ص: ١١٦٧]

وهذا الأديب مارون عبّود -من مسيحي لبنان- يقول عن القرءان: "سحر العقول بيانه، فعكفوا عليه يحفظون ويقتبسون منه ويحاكونه، ويتأثّرون بألفاظه وتركيبه. فللقرءان أعظم فضل على اللغة"

فلا تُغفل القرءان أيّها الكاتب، ولا تكن ممّن يَنئَوْنَ وَيَنْهَوْنَ عنه.