مقدمة لا بد منها
بالنسبة لي، وبعد نزاع طويل مع الأدب قراءة وكتابة، استقر قراري وتقلب أمري، من وجه الرأي إلى ضرورة وضع التصنيفات، ولا زال الوضع ضروري لتبين الجيد من الردئ، ولكن توجه وجهي إلى تبني فكرة لاكها النقاد والأدباء الكبار مرارا؛ (الأدب الجيد يكسر أي تصنيف!). الأخ @Hamdy_mahmouds في تعليق سابق له حسبني لما أنسب نص مثل موبي ديك إلى الفانتازيا أقلل من شأنه، وشأن الفانتازيا عظيم لديّ. التصنيف ضروري للتطور، ووضع الأمور في نصابها، سواء كان التصنيف جاري من خارج العمل أو داخله.
التصنيف له فائدة أخرى، خارج نطاق الأدب والكتابة، بل هي وظيفة تسويقية بحتة مقترنة بمجال الصحافة والنشر؛ وهي توجيه المفضلات إلى القراء كل حسب تفضيله، ولأن الإنسان منساق وراء متاعه، والمتعة في شطر كبير منها إشباع لعاطفة، كانت الآداب بشكل موضوعي (يتضح لاحقا أن هذا مجرد تصنيف شكلي مثله مثل تصنيف الآداب حسب لغاتها أو طول نصوصها وخلافها) إلى ما يشبع عاطفة معينة لدى المتلقي.
العواطف سبعة أساسية، جعلتها ثمانية حتى أدفن حيرتي في بعض المسائل، وقيل ستة، هي
الفرح
الحزن
الغضب
الخوف
الدهشة
النفور
الحب
الإثارة
تفسير العواطف وتبسيطها الوحيد واقع بين سلب وإيجاب، إما شعور بالراحة، وإما شعور بالألم، وهذهأ أبسط المشاعر الإنسانية التي تجعل طفل، أو حتى حيوان، يصرخ أو يبكي أو يرفس معبرا عن انزعاجه، أو يضحك، ينام أو هادئ معبرا عن راحته.
بالطبع قد نحتاج إلى تأكيد من الصديقة @ErinyNabil لتفادي حدوث لبس أو خلط ولتحري الدقة في المعلومة.
الفرح
الفرح هو شعور بالراحة للحصول على شيء ما، أو عند حدوث شيء ما (مثل الشبع لما تأكل).
الشكل المضخم أو المبهرج من الفرح أو التعبير عنه، هو الضحك، الأدب المعني بذلك هو الكوميديا (الملهاة).
الحزن
هو شعور سلبي بالانزعاج / الألم عند فقدان شيء ما، أو عند حدوث شيء ما (مثل حصولك على علقة سخنة)
الشكل المضخم أو الصاخب من الحزن أو التعبير عنه، هو البكاء، الأدب المعني بذلك هو التراجيديا (المأساة).
الغضب
الغضب هو شعور إيجابي بالانزعاج / الألم عند فقدان شيء ما، أو عند حدوث شيء ما، مثله مثل الحزن، لكن الحزن يتم توجيهه إلى الداخل، الغضب على النقيض يتميز بردود فعل قوية ويتم توجيهه إلى الخارج.
أكثر ما يميز الغضب، هو قدرته على التفاعل مع مجريات الحياة المعاشة، رغم أنه قد يحجب التفكير في الكثير من أحواله، إلا أنه أفضل من الخوف. التفاعل قد يكون إيجابي وقد يكون سلبي، ما نقصده بالإيجاب في المقام الأول هو القدرة على الفعل، لا أن تكون مفعول (وهو حال الخائف). تعد الأدبيات الواقعية مسارا تعبيريا متميزا وقادرا على التعبير عن هموم الناس وسخطهم وتفريغ مراراتهم من الواقع أو توثيقها. الأدب الواقعي، ومنذ عصر النهضة ولليوم لازال مهيمن على الساحة وقبضته لم تتراخى بعد، بل تزداد وتزداد. للدقة أقول أنه وليد العصر الصناعي وهمومه، كان عصر النهضة / الظلمة الأوروبي لا يزال بعد في قيد من الخيال. بينما ساهم كل من المجتمع الغربي والشرقي والعربي في تدشين الرواية الواقعية.
الخوف
الخوف هو شعور سلبي بالانزعاج / الألم عند حدوث شيء ما، يتميز عن الخوف بأنه مستوى أعمق من الذاتية وأكثر سلبية، الحزن قد يكون على شيء خارجي، أما الخوف رغم أنه قد يكون على شيء أو شخص (يعني لست خائف على نفسك) لكنه مدعوم بنزعة عالية جدا من التملك، الحزن والخوف كلاهما سلبيان، ومتقاربان كثيرا. الفارق الرئيس بالنسبة لي، أن الخوف أكثر سلبية، هو يشل التفكير تماما.
الشكل الأكثر تعبيرا ووضوحا عن الخوف، هو الرعب، وله وُجد أدب الرعب.
الدهشة
شعور بالاستغراب تجاه أمر ما، إيجابي مثل الانبهار والإعجاب، أو حيادي مثل الدهشة والتعجب.
وتناقضات الحياة، ساعدت في تنامي أدب الفانتازيا يوما بعد يوم. بعد أن كاد أن يُنسى أو يُطمس، ولليوم نشهد استرجاعات لأمجاد الفانتازيا في عصور السلف عند الشرق والغرب معا (وما بينهما).
النفور
شعور سلبي بالاستغراب تجاه أمر ما، يدفع عادة لتوليد مشاعر من الغرابة أو التقزز أو الاشمئزاز، أو حتى الخوف أو الكراهية وقد يختلط بأي من ذلك، وفي أبسط تعريفاته هو مجرد استنفار من شيء ما.
لا يوجد ما هو أكثر غرابة من الموت، ولا ينفر ابن آدم من شيء أكثر من الموت، لهذا يمكن عد أدب الجريمة متخصصا في إرضاء وإشباع عاطفة النفور لدينا (بالإضافة إلى الخوف أيضا).
الحب
الحب هو شعور إيجابي بالراحة للحصول على شيء ما أو عند حدوث شيء ما، لهذا هو مقترن بالفرح والسعادة والجنس أيضا، وأي نوع من أنواع الإشباع التي تولد الفرح، ولكنه أكثر ذاتية وتملكية من عاطفة الفرح. بالطبع قرينه ونظيره المضاد هو الكراهية، شعور بالانزعاج / الألم عند حدوث شيء ما.
المدرسة الرومانسية كما هو معروف هي النوعية الأدبية المتخصصة في إشباع هذه العاطفة؛ الحب / الكراهية.
الإثارة
ولا أقصد الإثارة الجنسية هنا، وإن كانت جزء من الإثارة عموما، فالإثارة هي شعور حيادي (فرح أو حزن - سلبي أو إيجابي) بالإشباع أو التوتر بعد / عند حدوث أمر ما، إما أمر غير تقليدي، أو شيء يلبي رغبة كبيرة لدى المتلقي. الإثارة قد تختلط بالحب، أو الحماسة أو الرعب أو غير ذلك. الحماسة في الأدب تعني إنتاج قصص المغامرة، الرعب أو الإثارة النفسية ينتج عنه قصص الرعب، وقصص الجريمة البوليسية.
وختاما، قبل الانتقال إلى الجزء الثاني من هذه المساهمة (تجدوه في التعليقات) يمكن جدولة كل كلمة أمام الأخرى كما الآتي
الفرح / الكوميديا
الحزن / التراجيديا
الغضب / الواقعية
الخوف / الرعب، والجريمة
الدهشة / الواقعية، الفانتازيا، الخيال العلمي، الغرابة
النفور / الجريمة
الحب / الرومانسية
الإثارة / المغامرة، الجريمة، الواقعية
حتى ولو بشكل مبدئي
التعليقات