ككاتبة، دومًا ما أقدّر دور المحررين، ولا أراه يقل أهمية عن دور الكاتب الأساسي للنص، فعند انضمامي لفريق عمل من الكتاب يكون دور المحررين محوريًا في مراجعة وتحسين المحتوى قبل قبول العمل. من تجربتي، فقد استفدت كثيرًا منهم ولا أمانع في الاستجابة لمقترحاتهم لتعديل الصياغة أو حذف او إضافة للموضوع، بل يدفعني للسعي نحو الجودة ومع الوقت أجد أن ذلك يحسن مهاراتي.
ما هي الخطوات الأساسية التي تتبعها عند تحرير المحتوى؟
ما هي الخطوات الأساسية التي تتبعها عند تحرير المحتوى؟
أرى أنّ أهم وأول خطوة في تحرير المحتوى يجب أن تكون التأكد من مصادر المعلومات. تناقل المعلومات غير الموثوقة كارثة كبرى، وقد يترتب على معلومة خاطئة عواقب لا نتخيلها. يعني لن يُضر القارئ إذا كان هناك خطأ لغوي أو إملائي بالنص، ولكنه قد يُضر حقًا إذا كان النص به معلومات خاطئة.
لن يُضر القارئ إذا كان هناك خطأ لغوي أو إملائي بالنص، ولكنه قد يُضر حقًا إذا كان النص به معلومات خاطئة.
بالتأكيد رغدة فبعض الكتاب لا يتحرون الدقة فيما يقدمونه من معلومات بكتاباتهم، فبمجرد عثورهم علي معلومة جذابة ذات صلة بالموضوع ينقلونها دون البحث في أصل المعلومة ومدي موثوقية المصدر، فكثير من المعلومات نراها متداولة من موقع لموقع بالنقل دون ذكر مصدر الإحصائية الأساسي والذي قد يكون حدّث المعلومة أصلًا. أعتقد انه يبرز هنا دور المحررين المحترفين.
وصحيح أن الأخطاء اللغوية والنحوية قد لا تضر القارئ لكنها قد تنفر المهتمين باللغة العربية فلا يتابعون المحتوى، كما أنها تقلل من قيمة المحتوى العربي بالعموم.
يعني لن يُضر القارئ إذا كان هناك خطأ لغوي أو إملائي بالنص، ولكنه قد يُضر حقًا إذا كان النص به معلومات خاطئة
ليس فقط القارئ هو مَن سيقع عليه الضرر، بل الجهة الصانعة للمحتوى أيضًا، فمع سهولة التحقق من المعلومات عبر الإنترنت ومقارنتها بمصادر متعددة، سينكشف عاجلا أم آجلًا عدم صحة المعلومات التي تطرحها تلك الجهة، وتعليق واحد سلبي حول المصداقية من شأنه أن يجعل باقي المحتوى الذي تقدمه تلك الجهة في القائمة السوداء لدى الجمهور، وقد لاحظنا هذا كثيرا في تعليقات على محتوى فيديوهات يوتيوب وما بها من معلومات مغلوطة،
لي تجربة مخالفة تماناً لما ذكرتي، معظم المحررين الذين تعاملت معهم أو الأشخاص الذين يستلمون الأعمال الذي أكتبها كانوا دون مستوى الكتابة وسيئين باتخاذ قراراتهم وتقليديين في نظرتهم ويطلبون تعديلات سخيفة حداً لموائمة انتاج المجموع وعدم الاختلاف ويخافون كثيراً من أي عبارة جريئة، أشرح تجربتي السيئة مع معظمهم وأقول بأنني صرت صارم جداً بتقبّل نصائحهم، عليهم أن يقدّموا لي كل دليل على صحة كلامهم ومشروعية طلبهم قبل أن أقدّمه وأعدّله، وإلا فأنا من الأشخاص الذي أرفض التعديل لأجل هذه الأمور، هناك عمل وحيد أقوم بالتنازل فيه ولكنني أقوم بذلك لسبب أنني أرى أن الملاحظات التي تقدّم نابعة من طريقة عمل السياق الذين يعملوا فيه، الموقع الذي أسسوه والصفحات التي يديرونها منذ زمن، وبالتالي عليّ أن أراعي سياق أصلاً هم بنوه ويحبون الاستكمال فيه.
لقد واجهتني أيضًا بعض التجارب السيئة، لكن التي أتذكرها واستفدت منها كانت تلك التي تهدف لإثراء المحتوى وإفادة القارئ والبعد عن الحشو والإطالة والتدقيق في مصادر للمعلومات.
لكن من تجربتك في الكتابة لابد وأنك أصبحت تميز بين أسلوب التحرير الجيد و السيئ، أود أن أعرف إن كانت لك تجربة في تحرير المحتوى؟ وما هي خطوات التحرير باحترافية من وجهة نظرك؟
لم أعمل كمحرر قبل الآن ولكن برأيي يجب التركيز على وضوح الفكرة التي صنعنا لأجلها المحتوى وزاوية التناول بشكل تخصصي فعلاً وفعال ويجب أن يكون هناك معالجة في التدقيق اللغوي والإملائي للمحتوى لضمان خلوه من أي أخطاء والأهم سهولة القراءة، أيواللعب في الصياغات أحياناً وتعديلها بما يتوافق مع هوية الموقع الءي نكتب لأجله أو الجهة وأيضاً تنسيق المحتوى لتقديم تجربة قراءة سلسة للجمهور.
في مرحلة التحرير يجب ألا نغفل التدقيق في الأسلوب المستخدم في الكتابة وتحسين التدفق والسرد، لأنهما عنصران أساسيان في فهم المحتوى ووصوله للجمهور بصورة افضل.
يتطلب التدقيق في الأسلوب الحفاظ على لغة متسقة تتماشى مع الجمهور المستهدف والغرض من النص؛ فإذا كان الجمهور من المتخصصين مثلا، ينبغي أن يكون الأسلوب رسميًا ودقيقًا، بينما يمكن أن يكون الأسلوب أكثر حرية وغير رسمي للجمهور العام، ومن ناحية أخرى، يتطلب تحسين التدفق والسرد ضمان ترابط الأفكار والجمل بطريقة منطقية وسلسة، بحيث تُسهم كل فقرة في تعزيز الفكرة العامة وتجعل القراءة ممتعة وسهلة، هذا يتضمن إزالة التكرار، وإعادة ترتيب الجمل والفقرات لتحقيق سلاسة في السرد، مما يساعد القارئ على متابعة النص بدون أي تشتيت أو ارتباك.
أهتم دائماً بالتأكد من كون المحتوى يركز على ما يتضمنه عنوان المقال دون أن يتفرع إلى أشياء أخرى، فلا بد ألا تتضمن الفقرة الواحدة أكثر من فكرة، مع التحدث في صلب الموضوع أو العنوان الرئيسي دون الابتعاد عنه بمواضيع جانبية ليس لها علاقة به، فهذا الأمر يشتت القارئ كثيراً وكما يقولون "يقطع حبل أفكاره"، ويجعله لا يصل إلى الهدف الرئيسي من المقال.
دور التحرير مهم جداً ولكن أحيانا يكون التحرير هو عدو النص..
أحاول قدر المستطاع توضيح سلبية بعض الأمور في التحرير، فمثلاً الأساليب المنمقة والكلمات والعناوين الجادة والجافة تتماشى مع المواضيع الأكادمية العلمية أكثر من المواضيع الفلسفية والأدبية، والعكس صحيح.
التحرير سيف ذو حدين إما يضيف البريق لجوهر المحتوى وإما يفقده قيمته بالكامل.
التحرير سيف ذو حدين إما يضيف البريق لجوهر المحتوى
برأيك هدي كيف يمكن للمحرر ان يضيف بريقًا للمحتوى؟
خلال عملية التحرير من الممكن أن نحتاج تصحيحاً، تلخيصاً، إعادة ترتيب أو تعديلات مختلفة أخرى مثل تحرير المصطلحات العلمية بهدف الحصول على محتوى متماسك ومتسق وهنا يلمع جوهره وتظهر جمالية الموضوع اكثر فاكتر، ولكن بحذر وعند الضرورة وبشكل لا يزعزع هيكله الكامل وأسلوب الكاتب.
التعليقات