هذا إعلان رغبة الجماهير، وليس إعلانًا لوظيفة: نحتاج إلى مدوّنين مشاكسين! 

سئم الناس من طُرق الكتابة التقليدية، من ديباجات المقدِّمة والمتن والخاتمة، العالم الرقمي يتسارع، ما يجذب الناس يتطوّر بين المواد المرئية والخوارزميات المستهدفِة لانتباه الناس، وبدلًا أن ننبري معشر الكتاب للنزال، ونوظِّف ما نملك لجذب انتباه الناس، لا زلنا نؤطِّر كتاباتنا بديباجات منتديات 2005.

الكتابة من الفنون الإنسانية الأصيلة، هي تشحن القارئ بالطاقة، تعال قارن بين شعورين: لو صرفتَ ساعة على فيديوات تيك توك وشعور الكره الذي تكنّه لنفسك بعد هذه الجلسة التي لم تقدِّم لك الفائدة، وتركتك تفرك عيونك وتحاول تذكّر مقطعًا مّما شاهدته.

قارن هذا الشعور مع شعور قراءة مقال طويل، أو التهام بعض صفحات كتاب، ولن أقول كتابًا مفيدًا، بل دعنا نتحدّث عن رواية غرامية سوقية، صدِّقني ستتعلَّم أكثر، ولن تندم عن الوقت الذي صرفته في هذه القراءة.

في القارئ إحساس يجذبه لنا، لكنّنا نفشل في جذبه، في إجلاسه لقراءة ما نكتب، نفشل في التحرُّش بالقارئ في محاولة إغواءه.

كن شيطانًا، كن متحرشًا، كن مشاكسًا، لكن لا تجعل القارئ يهرب منك بالديباجات القديمة!

في شبابي كانت تجذبني المشاكسات الأدبية بين زكي مبارك وطه حسين، أو صراع العمالقة بين طه حسين ومحمود شاكر، كانت مشاكسات الكتّاب جذّابة للغاية، فاتحة لشهية التهام السطور!

ليس بالضرورة أن تشاكس الناس لتملك هذه القدرة، يمكنك أن تجرِّب هذا مع الأفكار، بالمزاح والسخرية، بالمقدِّمات المثيرة للتعجِّب، بإشعارهم تارة أنّ الفائدة موجودة على كل سطر من السطور، وتارة بأنّها ستفوتهم لو لم يُكملوا كلَّ المقال.

هذا هو مستقبل الكتابة: نصّ محفِّز للتفكير، ومثير للتساؤلات، مشوِّق ينأي عن الطرق التقليدية في التعبير. من يتزيَّن بهذه الشروط سينجو في المستقبل، سينجو من إعصار الخوارزميات الرقمية الذي يلتهم جميع من يسير عكسه!