مما لاشك فيه، بأن الكتابة اليوم تعد المهنة الأكثر طلبا في سوق الأعمال، وستزداد حاجتها يوما بعد يوم خصوصا الكتابة التسويقية منها فكلما لاحظ المسوقين الأثار الممكن أن يخلفها المحتوى في نفوس القراء يسارعون لتوظيف أفضل الكُتاب للقيام بهذه المهمة.

ومن جهة أخرى تمثل الكتابة ملاذُ الكاتب ومتنفسا بالنسبة إليه، قد تختلف طقوس الكُتاب، ومجالاتهم، وخلفياتهم إلا أن حبهم للقلم لا يضاهيه أي حب أخر، وقد يختلفوا حينا في بعض النقاط ويتفقوا حينا آخر، ولكن بعد سنوات عدة يقضونها في هذا المجال، قد يصلوا الى استنتاج واحد بإتفاق الجميع بأن الكتابة مهمة المتاعب تتطلب التضحيات من أجل البقاء فيها، شخصيا أثناء لقرائتي لمقولات الكُتاب تجدني أختلف معهم في جزئية معينة، إلا أن مقولة الكاتب عبد الرحمن منيف أتفق معه مئة بالمئة يقول:" الكتابة مهنة المتاعب"، قد يبدو سخيفا أنك سئلتك حول اتفاقك مع مقولة الكاتب أم لا؟ ولكن كلنا نعلم بأن التجارب الشخصية تختلف ونتائجها هي من تجعل كاتب يقتنع حقا بأنها مهنة المتاعب، ماهي التضحيات التي قدمتها في سبيل إحياء قلمك؟

تخيلوا بأن الكاتب الشهير إرنست همينغوي يصنف الكتابة أصعب مهنة في العالم بعد مصارعة التماسيح، هذا لكون تحمل خطورة على صاحبها وقرأها على حد سواء مثل مصارعة حيوانات مفترسة من الدرجة الأولى، قد يبدو الأمر غريبا حقا ولكن من يستطيع أن يستمر في هذا المجال بالرغم من درايته بالأمر؟ 

ولكن من ناحية أخرى سنجد بعض من التناقضات التي تحدث في الواقع، كُتاب المحتوى اليوم في ارتفاع رهيب في سوق العمل الحر، بحيث أشارت دراسة بأن حجم كُتاب المحتوى قد تخطى المليون، ناهيك عن 60 بالمئة من المسوقين يصنعون المحتوى الكتابي واحدا على الأقل كل يوم، 86 بالمئة من الشركات تصنع محتوى مدونة مقارنة بأنواع المحتويات الأخرى، ماذا نفهم من هذا ؟ بالرغم من دراية هؤلاء بمعنى المتاعب التي تخلقها الكتابة إلا أن ادراكهم بأهمية يجعلهم يستمرون فيها، ولكن مع الأسف الشديد ليس الكل يدرك قيمة الكلمة، أي شخص يبحث عن الطرق التي يجني بها المال يتم توجيهه مجال كتابة المحتوى، كأنه يريدون إثبات قول كل من يملك في جيبه قلما يمكنه أن ينجح في ذلك، ويتناسون أن الكتابة قبل أن تكون مهنة هي تحمل رسالة أسمى بمضمونها الذي تقدمه للقارئ، قد نجد بأن أجور كتاب المحتوى بين المنطقة العربية والغربية يوجد بينهما اختلاف شائع ، وتشير الإحصائيات التي نشرها موقع PayScale المتخصص في الأجور للوظائف أن متوسط راتب كاتب المحتوى في الإمارات بلغ 60 ألف درهم إماراتي شهريًا ، بينما بلغ متوسط راتب كاتب المحتوى في الولايات المتحدة الأمريكية 45,804 ألف دولار شهريًا. ما الأسباب برأيكم التي تجعل هذه الفروقات موجودة؟

وماذا عنك أنت، لماذا تمثل الكتابة مهنة المتاعب؟ وما الشئ الذي يجعلك تستمر فيها؟