نكتب أحيانًا نصوصا ومقالات في غاية الروعة ونصرخ قائلين واو كم هذا النص مُلفت ولغته ممتازة، لكن بعد الضغط على زر النشر لن ينتبه إلينا أحد ولا تتم مشاركة المقال ولا حتى الإشارة إليه فنصاب بالإحباط.

لكن أفضل نصرف في هذا الموقف هو ليس الإحباط وإن كان ذلك مُبررا إلى حدٍ ما، وإنما الأجدر بنا في هذا الوضع هو طرح السؤال:

أين المشكلة؟ وكيف يمكنني تحقيق وصول أفضل للقارئ؟

كتبت ذات مرة مقالًا وكنت في غاية السعادة وأنا أفعل ذلك، وبعد نشره حقق تفاعلا لابأس به ومن بين التعليقات التي حصلت عليها، قالت إحداهن:

لم أتوقف عن الابتسام من بداية المقال وحتى نهايته، لماذا برأيك؟

لأنّ مزاجي انعكس على النص واستشعر القارئ ذلك، أي أنني نجحت في إمساك القارئ من شعوره وهو شعور السعادة هنا.

يمكننا توظيف علم النفس في الكتابة بطريقة سهلة فنحن لن نُشخّص القارئ أو نقوم بجلسة علاج… لا، نحن فقط نخلق تواصلا بيننا وبينه من خلال كلمات تعزف على أوتار مشاعره، حسنا ومثل ماذا يا دليلة؟

قرأت ذات مرة في مطلع إحدى المقالات الأجنبية فيما معناه:

أعرف أنّ الالتزام بالتدوين اليومي وسط الانشغال ونمط الحياة المتسارع أمر صعب للغاية، لكنني حين تذكرت أنّ الأغلبية يمرّون بنفس الحالة وتذكرتك أنت، تشجعتُ وتحمست لأكتب من أجلك…

شعرتُ وكأنّ الكاتب صديقي المُقرب وأعطاني ذلك دافعًا لأكمل المقال وأكتب تدوينة عن نفسي أيضًا وأقدم للقارئ الحافز والدافع ليستمر في فعل ما يفعله رغم صعوبته.

إذن السر النفسي يكمن في مخاطبتنا للقارئ بأسلوب ودّي ومحبة أكبر وأننا نفهمه ونحاول مساعدته والأخذ بيده، بأسلوب سهل وبسيط ولغة قريبة إلى نفسه.

وكما يقول الكاتب غازي القصيبي رحمه الله:

‏إذا قرأت كلامًا لا تفهمه، لا تحتقر ذكاءك.. احتقر ذكاء كاتبه.

حين قرأتُ هذا الاقتباس، شعرتُ بالمسؤولية أكثر تجاه القارئ، وكم أنّ الكاتب مسؤول عن فهم وراحة القارئ حين يقرأ لنا، ويفهم خطابنا له والأهم من ذلك يشعر بالتواصل والقرب.

قد يقول قائل ولماذا علي أن أراعي القارئ وكأنه طفل بهذا الشكل؟

لأن الكاتب هدفه تسهيل حياة القارئ والتعب في توفير المعلومة والنصيحة بأيسر الطرق وهذا هو الكاتب الذي يصل أسرع إلي جمهوره، عكس الكاتب الذي يتمحور حول نفسه ويرضي غروره وحسب.

كيف توظفون علم النفس لصالح كتاباتكم؟ وهل لديكم تجارب في الوصول إلى شعور القارئ؟

وبرأيكم أي الكُتاب يحظى برضى القراء أكثر المتمحور حول ذاته أم الذي يأخذ على عاتقه نفع جمهوره؟