من عنوان المساهمة يبدو أن الموضوع مثير لدهشة حقا، خصوصا عندما نجد بأن الكثير من يتحدث عن بداياته في عالم الكتابة، قد يسرد بأن العثرات والضيق التي رافقه في لحظات معينة هو من قاد قلمه لينزف بغزارة مُشكلا كلمات وأحرف تستحق أن يقرأ لها القارئ، حتى بالنسبة للذين يعتبرون الكتابة كأي صنعة ممكن الولوج إليها فقط بمجرد أن يكتسب الإنسان قواعد لغوية وأساسيات يسير عليها، لكن هل سمعتم يوما بأن دافع أحدهم نحو الكتابة كان بسبب موت أحد أقاربه أو حتى أن فكرة رواية ما قد راودته أثناء حضور وليمة لجنازة أحد أصدقائه؟

الكاتبة إيزابيل أليندي ذات يوم تلقت مكالمة أخبرتها بأنها جدها يحتضر وفي طريقه للموت، حينها قامت من فراشها وكتبت رسالة له وبسبب هذه الرسالة البسيطة تحولت الى فكرة لروايتها الأولى ذات العنوان "بيت الأرواح". من كان يعتقد بأن هذه الكاتبة التي تجاوزت الأربعين ستصبح مؤلفة وتكون هذه المناسبة الحزينة شرارة انطلاق لها في عالم الكتابة.

وبغض النظر عن جودة المضمون الذي يترتب عنه بعد الألم وحزن الفقد، إلا أن الكاتب سيشعر أخيرا بأنه وجد أخيرا ملجئ له يبوح فيه ما يختلج في خلده، وقد نجد الروائي بريان ستانلي جونسون يقول: " أكتب لأن لدي ما أقوله، وهو شيء فشلت في قوله في أحاديثي بشكل مقنع، والرغبة في الانتقام ممن أذوني والحاجة لخلق شيء بعدي"

وقد لا يخفى علينا أيضا الزوايا التي يضيفها الأدب في حياة الإنسانية، بجعلنا نستشعر أهمية الأشياء التي نمتلكها والأمور التي لابد أن نصحح طريقها، والمعارف التي تنور بصيرتنا والكثير من الأمور، وقد صدق الكاتب الأمريكي سول بيلو بحق عندما وصف الأدب في روايته الضحية The Victim بأنه " الأدب يضرب حتى النقطة الأعمق في الحياة"، حتى في استشعار اللحظات الموت والفقد والحنين، ينقل لنا مشاعر الشخصيات لفهم طريقة نظرتهم لهذه الحياة.

ربما لحظات الفقد التي تمر علينا جميعا تدفع الكاتب يستشعر قيمة ما يملكه وحتى يحافظ على تلك المواقف التي جمعته بشخص معين يلجئ الى تدوينها للحفاظ عليها من الضياع أو النسيان، وقد وجدت الكاتبة الأمريكية ماري جيتسكل تتحدث عن هذه المسالة بذات عبر مقال لها نًشر لها مختارات أدبية بعنوان "لماذا أكتب" عام 1998، وكشفت بأن من بين دوافعها للإقدام للكتابة هو" أكتب لأميّز كل تلك اللحظات والأشياء الصغيرة التي لا نوليها الاهتمام الكافي أو نغفل عنها معظم الأوقات، أكتب كي أحفظها من الضياع".

 برأيك أنت، هل تعتبر مسألة الموت دافع قوي لدخول لعالم الكتابة؟ وهل لك نماذج لكُتاب تعرفهم كان وراء قصة رواياتهم هو الفقد والحنين الذي عايشوه في لحظات معينة في حياتهم؟