بعض من التجارب والقصص التي نمر بها قد تغذي أرواحنا المضي لتشبت قُدما على هذه الحياة، ولكن هناك من الظروف من تعرقل مسارنا، يشيب الرأس وتتقلص الرؤية وتبدأ ملامح وجوهنا في إنكماش، ومن منا لم يصادف شابا في عمر الزهور إلا أن ملامحه لا تعبر عن عمره، وهناك البعض من الأشخاص من إبتسامتهم قد نمنحهم من عمرا أصغر مما هم عليه.
وهناك من الكتاب من نقرأ مواضيعهم، للوهلة الأولى قد نعتقد بأن كاتبنا هذا يملك العمر الطويل ما يجعله يعيش الكثير من التجارب التي تمكنه من الحديث عنها، إلا أن بعد ذلك نكتشف بأن صاحبنا في رعيان شبابه يتحدث بلسان شيخ قد أكل الدهر جسده وهترأت روحه، مثلا يذكر عن الشيخ الطنطاوي بأنه قد بدأ في الكتابة في وقت مبكر وكان دائما ما يرسل مقالاته لمجلة الرسالة التي كانت مشهورة في وقته ودائما ما كان إسمه بارزا بجانب كتاب معروفين مثل الرافعي والعقاد، وكل من كان يقرأ له في ذلك الوقت كان يعتقد بأنه شيخ في الخمسين إلا أن عمره حينها لم يتجاوز الخامسة وعشرون سنة.
لذلك قد نسأل أنفسنا أحيانا، هل مشاركة التجارب والقصص مقترن بمدار الزمن الذي عايشه الإنسان على هذه الحياة؟ فدائما ما يقال لابد أن نسمع الحكمة والرزانة ممن أكل الشيب رأسهم لكونهم لديهم في جبتهم ليشاركونا به.
لو بدأت في تصفح كتاب "رحلة العشرين عاما" للكاتب الفلسطيني أحمد جابر كتاب رحلة العشرين عاماً الذي يحمل في طياته العديد من المواضيع الموجهة للفئة الشابة حول الحياة وما تحملها من عواقب، يقول أحمد " يهبنا الرب عشرات السنين لنحيا..." لو تمعنت فيما يقوله لأعتقدت بأنه قد تجاوز الستين من العمر ولكن ستتفاجئ مزال في بدايات العشرين من عمره.
والقائمة تطول من الكُتاب الذي هو بدايات مراحلهم العمرية ومضامينهم تحمل حكم ومواعظ في هذه الحياة.
السؤال الأكثر أهمية كيف للكاتب أن يشيخ وهو بعمر العشرين؟
لا يمكن للكاتب أن يشيخ تلقائيا إلا إذا أراد ذلك، صراحة لا أرى بأن العمر له علاقة بالأمر، لمن يقرأ أدهم الشرقاوي أو العقاد في مواضيع قد تعتقد بأنه صديقك من يخاطب تفكيرك وما يجول في ذهنك.
ومن الأمور التي تجعل الكاتب طاعن في السن:
- المجال الأدبي الذي يختار في كتاباته، كما كان إختيار الكاتب للمواضيع الإجتماعية التي تكسب الشخص طرقا لتصدي للمشاكل والنصائح التي تفيده في هذه الحياة.
- الأسلوب المختار يلعب دورا كبيرا في إظهار شخصية الأديب، مثلا الأدب الساخر وتلقائية في حديث عن المواضيع قد تظهر الشخص عجوزا نكدي لا يمكن أن يمرر شيئا إلا وسخر منه، يصبح ينظر للأمور ليس كما تنظر لها وأنت تقرأ له في عمر العشرين.
وبرأيكم أنتم، كيف للكاتب أن يشيخ وهو بالعمر العشرين؟
التعليقات