في الكثير من اللحظات نشعر بأن ما نمر به هو ملمح لنهاية طريق طويل وشاق، ولكن بعد كل ذلك نكتشف ماهي إلا بداية جديدة، لكن ما يحدث مع الكاتب غير ذلك، ودائما ما تشكل الخاتمة حزنا كبيرا له، من الصعب أن يتشجع لكتابتها وفي الأن نفسه ليس هينا أن يضع قلمه جانبا، بالرغم من أن الصفحة الأخيرة من الكتاب قد لا تمثل شيئا بالنسبة لبعض القراء، وهناك منهم من لا يهتم بما سيقوله الكاتب في الأخير، لأنه يعلم بأنها إما ستكون حوصلة عامة لما تحدث عنه أو إفصاح لرأي معين، غير أن الكاتب لا يراها كذلك، إذن، كيف تبدو الصفحة الأخيرة بالنسبة للكاتب؟

أتذكر حينما كنت بصدد كتابة الصفحات الأخيرة من كتابي ووصلت الى لنص الخاتمة توقفت كثيرا عند كل عبارة، كنت أترك الدفتر مفتوحا لأتمم الكتابة في اليوم الموالي وهكذا، وعندما يأتي ذلك اليوم أكتب عدد من الجمل وأتوقف، كنت أريدها ألا تنتهي أبدأ.

وفي الحقيقة الخاتمة لا تمثل فقط رابط قوي متين مع الكاتب، وإنما هي عنصرا أساسيا ومهما مثلها مثل المقدمة التي يقال عنها بأنها أول ما يقرأ وأخر ما يكتب، فإذا لم يستطيع الكاتب أن يجذب قارئه من الصفحة الأولى، فسوف يترك القارئ الكتاب جانبا، أما عن الخاتمة هي تنجح في إقناعه وجعله يتحمس لقراءة المزيد من المؤلفات لكاتبه.

يقول الكاتب بول سويني: "إذا شعرت و أنت تقلب الصفحة الأخيرة في الكتاب الذي تقرأه أنك فقدت صديقاً عزيزاً فأعلم أنك قد قرأت كتاباً رائعاً ".

لكن يوجد خاتمة أخرى يمر بها الكاتب، هي عندما توافيه المنية ويغادر هذه الحياة، يقول الإعلامي إبراهيم علي نسيب في أحد مقالاته: "هنالك مبدعون يتركون خلفهم عبقريتهم وإخلاصهم وولاءهم ووفاءهم ويصرون على توقيع حياتهم بتوقيع مخلص، فيتركون لنا سيرة فريدة غير قابلة للتكرار ولا للتزوير.."، برأيكم، هل الكاتب سيكتب أخر كلماته بنفس الأسلوب الأدبي لو علِم بأن هذا أخر كتاب أو نص يكتبه؟

منذ أيام قد أتممت قراءة رواية نطفة لأدهم شرقاوي، أخر عبارة موجودة في الكتاب لامستني كثيرا والى الأن أتذكرها يقول فيه: "الناس لا يمشون على هذه الأرض إلا في دروب أقدارهم.."

ماذا عنك، كيف تنظر للكتابة في الصفحة الأخيرة؟، وهل يوجد بعض من الكتب التي مازالت بعض عباراتها من الخاتمة راسخة في ذهنك؟