يقال بأن القراءة أولها كلفة وأخرها ألفة. ولعل بداياتنا في هذا المجال كانت مشتتة ومتفرقة، ولكن بالمطالعة المستمرة لاحظنا مدى تحسننا ومدى إستعابِنا لنصوص، فمن قارئٍ عادي يستقبل أي مضمونٍ الى قارئ دؤوب واعي لا يمرر أفكار الكاتب هكذا، ينقذ ويحلل ما قام بقرائته، وقد يصل بنا لحد قراءة سيرة الكاتب ومسيرته الأدبية قبل الإنطلاق في مطالعة مؤلفهِ وبهذه الطريقة نكون قد مررنا بعمليات التدرج المتداولة أثناء القراءة.

وبما أن تركيبة البشر تختلف من شخص لأخر وحتى ميولاتهم لمجالات أدبية تأتي متنوعة ومختلفة، فالأكيد بأن قراءات الرجل تختلف عن قراءات المرأة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل الرجال يقرؤون للنساء بنفس الاهتمام؟ أم أنهم لا يهتمون بجنس الكاتب وينظرون لثراء المعرفي الذي يقدمه لهم؟

 جين سمايلي الروائية التي نشرت إحدى عشر رواية، قامت في سنة 2005 بدراسة استطلاعية عندما طلبت منها جريدة نيويور تايمز ذلك، أخذت برأي مئتي محرر وكاتب وناقد : مئة رجل ومئة امرأة وتم طرح عليهم سؤال لتسمية أفضل أربعين كتابا في الأربعين سنة الماضية، فكانت النتيجة كالاتي: 

إجابات الرجال قد غطت 62 بالمئة من الاستبيان، جميعهم صوتوا للكُتاب الرجال، أما عن النساء صوتوا لرجال والنساء، والكثير من النساء لم يزعجن أنفسهن بالتصويت. واختتم الكاتبة كلامها خلال مقابلتها الصحفية بأن النساء لا يأخذن بالنظرة الهرمية للأدب و يعتبرن هذا السؤال غبي، ولكن الرجال يأخذونه على محمل الجد، لذلك لو سألت مجموعة من الرجال عن عدد الكتب التي إطلعوا عليها في السنة الماضية للكاتبات، تأكد بأنك لن تجد يدا ترتفع.

بعد قراءتي لنص المقابلة استغربت واعتقدت بأنها تبالغ نوعا ما، فقد نجد من الرجال من تجذبهم الفكرة المطروحة أكثر ويميلون لمخاطبة العقول ولا يأخذون بالاً للجنس المتحدث.

وبعدما قرأت ما جاء على لسان الكاتب البريطاني ماكيوان في صحيفة الجارديان : "عندما تتوقف النساء عن القراءة، سوف تموت الرواية". وهذه المقولة جاءت نتيجة استطلاع طريف قام به هو و ابنه في حديقة لندن العامة، حيث قام بتوزيع الكتب مجاناً ليجد خلال دقائق قليلة أنه وزع أكثر من 30 رواية وأن أغلب من حصل على هذه الكتب المجانية بحماس كن من النساء، بينما كان يمر الرجال عابسين بإستياء.

وليس هذا فقط،  صاحب مكتبة في واشنطن صرح هو الأخر بأن أغلبية زبائن المكتبة هن من النساء حيث تجدهن يتوجهن مباشرة إلى قسم الكتب الخيالية، بينما يتجه الرجال إلى قسم الكتب الواقعية. 

وقد تقول في نفسك عزيزي القارئ، ما علاقة الدراسة التي أفادت بعدم قراءة الرجال لنساء بدراسة تظهر بأن النساء هن أكثر اهتماما بالروايات الخيالية، ألا يمكن أن نقول بأن هذا الأمر قد وقع نتيجة النظرة النمطية المنتشرة في اعتقاد الرجال بأن أغلبية الكاتبات هن عاطفيات يخترن الأدب القصصي والروائي في بناء نصوصهن، ما جعل الرجال ينفرون تلقائيا من قراءة لمؤلفاتهن كونه لا يتلائم مع شخصياتهم الواقعية، وكل ذلك قد تولد نتيجة الأفكار المسبقة المؤخودة عنهن سابقا، أم أن هناك أسباب أخرى، برأيكم؟