لا يختلف كاتبان على أهمية القلم في رحلة الكتابة و التدوين، لكن في واقع التقنية أصبح للحبر منافسٌ قويّ و هو لوحة المفاتيح، التي أصبحت صديقة العديد من الكتّاب في هذا الزمن، و هل سيأتي يوم تكون فيه الغلبة للوحة المفاتيح؟

في الفلم الأمريكي The Words 2012، الذي تدور أحداثه حول كاتب يحاول مستميتًا الوصول للشهرة، و يتم رفض مؤلفاته طيلة خمس سنوات، حتى تبتسم له الحياة ليجد مسودة لرواية لم يكتب عليها اسم المؤلّف في إحدى الحقائب القديمة، ليقوم بسرقتها و نشرها باسمه هو، و يحقق حلم الشهرة الذي لطالما سعى إليه، و في أحد الأيام تجمعه الصدفة مع الكاتب الأصلي للرواية في أحد كراسي الحديقة، و في خضمّ الحوار يسأله إذا كان لديه قلم، فيجيبه بالنّفي، فيردّ بسخرية قائلا:

"كيف تكون كاتبًا و لا تحملُ قلما"، كانت هذه الجملة كفيلة بنسف مشواره الأدبي، قبل أن يعترف أنّه سارق، و هنا يراودني سؤال و هو هل فعلا يجب على كلّ كاتب أن يحمل قلمًا، أم أنّ الهاتف المحمول اليوم كافي لتعويض أهمية القلم في اصطياد الأفكار الطارئة التي تتدفق إلى ذهن الكاتب في أوقات متفرقة وغير مخطط لها، كأن تخطر له فكرة إبداعية في منتصف الليل بعدما أيقظه صوت الرعد، أو تأتيه فكرة و هو يتأمل وجوه المارّة في الطرقات، أو حتى في المقاهي و هو يناقش مواضيع سياسية مع أصدقاءه …

لامستني جدًا الجملة التي قالها المؤلف الأصلي للرواية في الفلم، بحيث أنّ الكاتب لا يمكنه التخلّي عن دفتره و قلمه تحت أي ظرف، و ليس عليه أن يعتمد على أي وسيلة أخرى مهما كانت فعّالة، لأنّ للقلم قُدسية خاصّة و يمنح الكاتب شعورًا بالتميّز و التفرّد.

لا أُنكر أنّ للهاتف و التدوين عليه لذة خاصّة، كما أنّني استعمله كثيرا لذات الغرض، لكن ما هو مستقبل القلم في ظلّ التطور الرهيب لأدوات الكتابة والتدوين التقنية؟