كانت لي رغبةٌ كبيرة بتصفُّح كتاب "حكايات الأخوين غريم" مُنذ أن سمعتُ عنه لأول مرة قبل بضع سنوات، وقد تفاجأتُ في الحقيقة عندما كنتُ أتصفح مكتبة والدي في الأسبوع الماضي بحثاً عن شيءٍ أقرؤه فوقعتْ عينايَ عليه! الأمر الذي يجعلني مُهتماً بهذا الكتاب، الذي يتكوَّن في الحقيقة من قصصٍ شعبيَّة للأطفال، هو أهميَّته في الثقافة الغربية وفي ثقافة الصغار بجميع أنحاء العالم.
في الواقع، "حكايات الأخوين غريم" هي الأب الروحي لثقافة قصص الأطفال الغربيَّة، فعلى الأرجح أنَّك سمعتَ من حكاياتهما في طُفولتك أكثر ممَّا تتوقَّع. سندريلا، وبياض الثلج (فلة والأقزام السبعة)، وذات الرّداء الأحمر (ليلى والذئب)، والخياط الشجاع (قتل سبعة بضربة واحدة!)، والأميرة النائمة، والأمير الضفدع، وريبونزل (Tangled)، وهانزل وغريتيل (الفتى الذي ينثرُ كسرات الخُبز ليجد طريقه)، كُلَّها حكاياتٌ لم نكُن لنسمع بها قطٌّ لولا هذا الكتاب.
هذا الكتاب هو ثمرة جُهود أخوين ألمانيَّين عاشا خلال القرن التاسع عشر، وتجوَّلا في أنحاء ألمانيا بحثاً عن كلِّ من يعرفُ قصصاً شعبية قديمة، من الخيّاطين والحدادين إلى الجدَّات كبيرات السِّن، حتى جمعا ما يتجاوز 200 حكاية من التراث الألماني. كانت العديدُ من القصص مُتعارضة مع بعضها بطبيعة الحال، فمنها ما سمعا منه خمس أو ست إصداراتٍ مُختلفة من أشخاصٍ كثيرين، إلا أنَّهما نقَّحاها ورتَّباها للتوفيق بين هذه الاختلافات.
جميعُ القصص الواردة في كتاب الأخوين غريم هي حكايات بسيطة تهدفُ إلى الوُصول إلى عبرة ما، عادةً ما يكونُ الغرضُ منها التشجيع على خُصلةٍ جيِّدة مثل الشجاعة أو الإيثار أو الكرم. الكتاب مليءٌ بالأنماط المُتكرِّرة المضحكة التي تقابلها بلا توقُّفٍ في جميع حكاياته، ومن أمثلة ذلك أنَّ الأبطال الخيِّرين دائماً مظهرهم دائماً جميلٌ جداً، بينما الأشرار دوماً في غاية القُبح والشَّناعة. وبالطبع وبنهاية كلِّ حكاية ثمَّة ثلاثة عناصر يجبُ أن تتحقَّق لتتمَّ القصة، فالبطل/ة لا بُدَّ أن يحظى بزوجةٍ جميلة (أو زوجٍ جميل!)، وبثروةٍ طائلة لا حُدود لها، وبمملكةٍ كبيرةٍ يحكُمها، وأخيراً وليسَ آخراً، سيعيش في سعادةٍ وهناءٍ حتى آخر الزَّمان!
من جهةٍ أخرى، فإنَّ تجربة قراءة "حواديث الأخوين غريم" ممتعةٌ في أنَّها تُعطيك فرصة للاطلاع على تراثٍ ثقافيٍّ مهم، فهي تسمحُ لك بمعرفة النص الأصلي للكثير من القصص التي رُويَت إليكَ في طُفولتك وأنت تغفو بين أغطية السَّرير الدافئة، من حكاية بياض الثلج والأقزام السَّبعة إلى الخيَّاط الشجاع، والتي تغيَّرت وشُوِّهت كثيراً قبل أن تصل إلى مسامعنا. كان الأمر مُفيداً في الحقيقة، فمثلاً، من أكبر المفاجآت التي تلقَّيتُها كانت أنَّ الفتاة لم تُقبِّل الضفدع قبلة سحريَّة ليَعود أميراً، بل ألقت به بهمجيَّة نحو الجدار!
للمُهتمِّين بالاطلاع على الكتاب فقد وجدتُه متوافراً للقراءة هُنا:
https://drive.google.com/fi...
التعليقات