العقلانية وهمٌ جميل نحب أن نصدقه ... من كتاب توقع لاعقلاني.

فقد يرفض بعض المحامين مثلًا الدفاع عن كبار السن بسعر مخفض، لكنهم يقبلون القيام بذلك مجانًا!

في رأيي هذا عقلاني تماماً، فلو قبل المحامي ان يترافع بسعر مخفض فهو يكون بذلك قد تنازل عن تسعيرته التي ربما تكون مئات الآلاف، فلا يمكن أن يقبل أن يترافع بمئات الجنيهات هذا مهين له ولعلمه وسيؤثر على عمله.

لكن لو قبل أن يترافع مجاناً فهو يفعل ذلك من منطلق الكرم ويتفق مع مفاهيم العمل الخالص لوجه الله، ولن يؤثر سلباً على اعتزاز المحامي بنفسه وعمله.

لكن أرى اللاعقلانية ليست دائمًا سلبية بل هي أحيانًا ما يمنح قراراتنا جانب إنساني لا يمكن للحسابات الباردة أن تفسّره العاطفة مثلًا تجعلنا نساعد الآخرين دون مقابل ونخاطر لأجل من نحب وربما نختار طريق صعب لأن قلوبنا تشعر أنه الصواب رغم منطق العقل فهم اللاعقلانية لا يعني محاربتها لأنها جزء من طبيعتنا التي تجعلنا بشر لا آلات

برأيي يمكن استثمار فهمنا للاعقلانية البشرية في تحسين طريقة تفكيرنا قبل اتخاذ القرار. فبدل أن نندفع وراء الانطباع الأول أو التأثر بالعاطفة، نحاول أن نراجع دوافعنا ونفصل بين ما نشعر به وما هو منطقي فعلًا. الفهم الحقيقي للاعقلانية لا يعني مقاومتها، بل استخدامها كمرآة تساعدنا على رؤية أنفسنا بوضوح أكبر قبل أن نقرر.