مؤخرا بدأت أقتنع أن اِختلاف الأذواق (غالبا لا دوما) قشرة ليس إلّا، أما في العمق، فالاختلاف الحقيقي يكمن في الفكر، في زاوية النظر، في التجربة الشخصية، في الوعي! سواء في الكتب أو غيرها من الأعمال.

لننظر للقرآن الكريم، نحن لا نتوقف عن تدبّر معانٍ جديدة فيه، لا لأنه غامض، بل لأن العقل يُسقِط ما فيه على ما يقرأ. الفيلسوف يرى فيه الحكمة، القاضي يرى فيه التشريع، والعاصي يستقرأ الوعيد، والطائع يستعذب النعيم. وكلهم.. يبحثون عن الطمأنينة. لماذا لا يوجد اختلاف أذواق حوله؟ ربما لأنه كتاب إلهي، وهو اِستثناء.. مع أنه كتب بلغة البشر ومراعيا لعقولهم!

حسنا لننظر الى كتاب آخر، مثلا إلى رواية البؤساء الشهيرة، منا من يراها مجرد قصة ظالمة، ومنا من يُبصِر فيها كيف يتغير الشر والخير في نفس الشخص، ومنا من يستنبط منها إسقاطات واقعية تساعده على فرز قناعاته مجددا، هل هذا تباين في الذوق؟ لا، بل في البنية الفكرية لنا كقراء. بين من يفكك الرمز، ومن يتوقف عند الحدث.

الذوق قد يحدد إن كنت تحب أسلوب الكاتب أو لا، لكن الفكر هو ما يحدد كيف تفهم وتنظر لما تقرأه!

لذلك، أترون أغلب تقييمات الكتب اليوم هي اختلافات فكرية بالأصل قبل أن تكون ذوقية..أم أن لكم وجهة نظر أخرى؟