أعرف إحدى الشخصيات التي تربت على يد أم نرجسية أحالت الحياة لجحيم من الإساءات النفسية والجسدية والتقليل من النفس وجلد الذات، وحتى بعد أن كبرت وصارت لها حياة خاصة ما زالت الإساءة وصدمات الطفولة تؤثر على حياتها بشكل كبير، فأصيب بأمراض نفسية وتنقلت من عيادة نفسية لأخرى على أمل الخلاص من العذاب وترك الماضي وراء ظهرها لكن رحلة التعافي لم تكن سهلة أبدًا ويتخللها انتكاسات مع أي مواجهة أو مشكلة مع هذه الأم.
هذه الفتاة نموذجًا لكثير من الفتيات التي تعرضن ويتعرضن لإساءات أحد أو كلا الوالدين ... فهل يمكن لمثل هذه أن تغفر لمن دمر حياتها؟
في كتاب "أبي الذي أكره لد. عماد رشاد عثمان" يوضح الكاتب أنه : الأهم من أن تغفر لهما هو أن تغفر لنفسك، فأنت لست السبب أو المحفز وليس بك خلل، الذنب ليس ذنبك، أنت لم تفعل شيئًا سيئًا، لكن ما حدث أنك وقعت تحت يد شخص مؤذي مريض وكانت الإساءة التي قدمها لك هي جزء من مرضه.
ربما محاولة فهم الشخص المؤذي تساعدنا على التعافي، فنحن حين ندرك القصة كاملة قد نعيد ترتيب وفهم قصتنا الشخصية وإدراك أن الخطأ ليس خطأنا والعيب ليس فينا، وليس هذا معناه أننا نسقط عن الشخص المسيء المسئولية أو اللوم أو نبرأه لكن معناه أننا نبرأ أنفسنا ونسقط اللوم عنها.
كما أن الصفح عن المؤذي شيئًا أو قرارًا اختياريًا ليس له علاقة مباشرة بالتعافي، فهناك من يختار الصفح وهناك من لا يستطيع الغفران وهناك من يختار التجاهل للمسيء، لكل شخص طريقته التي تناسبه وقد لا تناسب غيره.
فهل يمكن أن تغفر؟ وإذا لم تغفر هل تستطيع العيش بحرية إذا كان مجتمعك يعتبر الأم والأب من المقدسات التي لا يجب المساس بها وإن أخطأوا؟
التعليقات