التغيير في العمل، العلاقات، أو الأهداف الشخصية لم يُعد أمرًا رفاهيًا، وكلما كنا أكثر مرونة وتكيفًا مع التغييرات التي تطرأ، نجحنا في تحويل المحن إلى منح نستفيد منها وتعزز فرصنا، لحياة أكثر جودة. هذا استنتاج يعلمه الكثير منا بل ويجده أمرًا بديهيًا، ولكن رغم ذلك يصعب علينا في الأوقات التي تستدعي التعامل وفق ما نؤمن به ونعتقد بصحته، أن نحوّله إلى سلوك فعلي! لماذا؟

المعرفة وحدها لا تكفي، وبذلك نجد أن استجابتنا تختلف في المواقف التي نتعرض لها خارج منطقة الراحة لـ 4 أنماط من السلوك حسب ما ذكر المؤلف "سبنسر جونسون" في كتابه "من حرك قطعة الجبن الخاصة بي؟" (?Who Moved My Cheese):

  1. أشخاص تتمتع بحس عالٍ من الحدس والوعي. تستطيع التنبؤ بالتغيرات قبل حدوثها وتتكيف بسرعة مع الظروف الجديدة.
  2. أشخاص تمتاز بالعمل السريع والفعّال. بمجرد أن تدرك وجود مشكلة، تبدأ فورًا في البحث عن حل دون تردد.
  3. أشخاص تقاوم التغيير المقاومة للتغيير. عندما تتعرض لمشكلة، ترفض الاعتراف بالواقع وتبقى عالقة في الماضي، على أمل أن تعود الأمور كسابق عهدها يومًا ما.
  4. أشخاص لا تلبث أن تعتنق التغيير الإيجابي وتقرر أن تتقبّل الواقع وتبدأ في البحث حلول جديدة. هؤلاء الأشخاص خلال رحلتهم، يتعلمون يكتسبون القدرة على التكيف وخوض غمار التجارب الجديدة بشجاعة.

شخصيًا أجد أن الانتقال من نمطٍ إلى نمط أمرًا يحدث بطريقة ما، سواء فطرتنا البيئة والتربية عليه وتعلمناه من صغرنا، أو ثقلتنا الخبرات والتجارب وتحولنا إليه كبارًا بفعل النضج. عندما يترسخ في أذهننا أن التغيير يحدث دائمًا، مستعدين كنا أم لا، وأنه لِزامًا علينا أن نتحرك ونتحلى بالشجاعة والقدرة على خوض غمار التجربة مهما بلغنا من الخبرات والمعرفة.. تتحول المقاومة إلى مرونة والرفض إلى تكيف!

ببساطة لأن الأمر لم يعد رفاهية، فمن يستعصي على التغيير، لن ينجو وسط هذا القدر الهائل من التغير اليومي الذي نعاصره جميعًا.

في النهاية، أود أن أقدم تذكيرًا لنفسي قبلك يا صديقي -اسمح لي أن أدعوك بذلك، ما دمت وصلت إلى هنا- العديد من الأمور ستتغير، شئنا أم أبينا، لذا:

  • تمتّع بالمرونة حتى تصبح قادرًا على التكيف.
  • تخلّص من الخوف والتردد، هذه الحواجز الوهمية تحرمك من اكتشاف فرص جديدة.
  • لا تركز على الماضي، الأخطاء والتجارب السابقة وجدت لتدفعك إلى الأمام لا أن تعيق تقدمك.
  • تحرّك فلن ينقذك أحد!

إذا كنت في موقف يتطلب منك تغيير شيء رئيسي في حياتك (مثل وظيفة، علاقة، أو حتى نمط حياة)، وما هي الخطوة الأولى التي ستتخذها لتجاوز خوفك أو ترددك؟

بالنسبة لي أحاول جاهدًا تطبيق التذكير الأخير رغم ما تحمله طبيعة التحدي من قلق، إلا أني على يقين أنها ستكون مرحلة تحمل في طياتها الكثير من الفرص الرائعة، وهذا تحديدًا ما يشجعني كل يوم على النهوض وإعادة المحاولة رغم الإخفاق.