"يجب على المرء ألا يعتذر، لكنني أفضِّل عالماً يعتذر فيه الناس جميعاً، بلا استثناء"

لأسابيع جلستُ أفكر في هذا الاقتباس من حفلة التفاهة للكاتب "ميلان كونديرا " من الصفحة 45 الطبعة الثانية. وأتساءل هل حقا "عالم تتزاحم فيه الاعتذارات سيكون عالما جميلاً؟ هل سيكثر فيه التسامح، أم ستعمه الأخطاء بداعي أنه بعد الخطأ دوما هنالك اعتذار ! ..

هذا يستوقفني حقيقة حتى بتُّ أجزم أن الكاتب مخطئ ! ولكن من أنا حتى أفنّد هذا الفيلسوف الغربي!. ولنقف عند كلمة "الغربي"، ففي مجتمعاتهم يعتذرون أكثر ممّا نفعل نحن في مجتمعاتنا العربية هذا مما لا يدعو إلى الشك، ربما لهذا كان يرغب بمزيد من الاعتذارات لأنه قد تواجدت موجة جديدة من الأخطاء، كما هو الحال مع تطور البشرية، كلما زاد، كلما عمت أخطاؤنا الأخلاقية ! .

لنفترض أننا قد سرنا بمقولة كونديرا في هذا العالم، وأصبحنا نعتذر بإسهاب، ولا نُعاندُ في الخطأ، بحكم أنّ لنا كرامة زائفة أحياناً، أو أننا نريد حقا أن لاننحي لأحد، ولا أدري حقيقة من أين تجذّر هذا في أذهاننا أبا عن جد، وأمّاً عن جدّة!. .

لذلك فإنّي أرى أنّ هذا الإقتباس، صالحٌ في عالم ومجتمع كونديرا الخيالي فحسب، وليس بالواقع، التي كلّما أخطأ الفردُ منها إلّا وزاد عناداً، وتشبّثاً في خطئه بل وتعالى وترفّع عن تقديم الاعتذار ! وأجزم أنه حتى لو كنا بعقلية الاعتذار، لارتكبنا بذلك المزيد والمزيد من الأخطاء في حق غيرنا، ضماناً منا بأن هنالك اعتذاراتٍ ستقدّم له ! في كلتا الحالتين أرى أنّه لاتنفع معنا لا قلة الاعتذارات ولا كثرتها ، ماهي تجاربكم مع تقديم الإعتذارات؟ هل أنتم ممن يعتذرون بسهولة أم تواجهون صعوبة في ذلك، حتى ولو كنتم على خطإٍ كبير !