من المعلوم أن النقد لابد وأن يتصف بالصعوبة كي يكون نقداً سليماً، فإذا ما فَقَد تلك الصفة، وأصبح بالإمكان إنتاجه بسهولة، فإن نسبة التدفق إلى المخزون ستزداد، مما يعني أن ذلك النقد سيفقد قيمته ولا يمكن أن يُستخدم نقداً بعدها؛ لأنه سيكون مثله مثل ماء البحر لأهل الشاطئ.

ما سبق يفسر لماذا لم تظل النقود البدائية مُستخدمة حتى الآن؛ كالأصداف البحرية التي اُستخدمت في مناطق عديدة من أنحاء العالم، والخرز الزجاجي الذي استخدمه سكان غرب إفريقيا كنقدٍ، وحجارة الراي التي استخدمها سكان جزيرة ياب. كل تلك المواد كان من الصعب الحصول عليها أو إنتاجها، ولكن مع زيادة وفرتها وسهولة الحصول عليها نتيجة التقدم التقني، فقدت قيمتها ولم تعد جديرة أن تكون نقداً.

في العصر الحديث، اعتمد النقد المصرفي الحكومي أو المركزي في إصدار العملات الورقية على مقدار ما تمتلكه البنوك المركزية من احتياطي الذهب، وهذا ما يعرف اقتصادياً بـ "معيار الذهب". لكن بعد الحرب العالمية الأولى، ولأسباب خاصة بظروف الحرب، قامت بعض الدول المحاربة بتعطيل ذلك المعيار، وأصبح بمقدورها إصدار أوراقٍ ليس لها غطاء ذهبي في بنوكها المركزية، وبذلك أصبح النقد الحكومي غير سليم، فهو خاضع لقرارات سياسية، كما أن الناس لم تعد لهم سيادة على أموالهم في البنوك. هذه هي مشكلة النقد حالياً.

لذا هل بإمكان البيتكوين حل تلك المشكلة، وأن تصبح معياراً نقدياً رقمياً، يُستعاض به عن المعيار النقد الحكومي؟