قد تشعرُ بتأنيبِ الضميرِ إن لم تنتهِ من قراءةِ كتابٍ مللتَ من محتواه وقد تحدثك نفسكَ بضرورة أن تضعَ رحلَك عند كتابٍ آخر ولكنك تتردد. هذا التأنيب وذاك التردد قد يؤدي بك إلى تركِ القراءةِ كليةً لترتاحَ نفسياً وهذا أمرٌ خطير. تركُ القراءةِ لأنك مللت يعني أنك قد أبليتَ روحَك وتركتها تهترئ دون إنعاش.

ما الحل مع ملل القراءة؟

هل جربتَ أن تقرأَ عدةَ صفحاتٍ من عدةِ كتبٍ في اليوم؟ إنها تجريةٌ جميلةٌ تستحقُّ الخوضَ فتَنقُّلُكَ بين ثلاثة إلى أربعة كتب في اليوم كتنقلك بين حدائق غناء متنوعة، كم هي الراحة التي تغمرُ روحَك في تلك الحدائق وكم من التنوعِ الذي ستحظى به وكم من التغييرِ الذي سيطرأُ على نفسِكَ فتشعر بالسعادة والارتقاء.

لنفترض أن لديكَ ثلاثةَ كتبٍ عليك قراءتُها والانتهاءُ منها؛ الأول في تربيةِ النفس والثاني في العلومِ والثالث في التاريخِ، تقرأ من كل كتاب٢٠ صفحة يومياً، ستندمج مع كتاب تربية النفس وما فيه من محتوى يجعلك تعيش مع نفسِكَ لحظةً بلحظة ثم تأخذ قسطاً من الراحة لتبدأ بكتابِ العلومِ و اختراعاتِ العلماءِ وإلام وصلوا ثم تبدأ رحلتك مع التاريخ، وتحيا في أغواره، إنه تنقل غنيٌّ بالمعلوماتِ ومفعم بالحياة ومليء بأسرار السعادة.

وإن كنت ممن يدوّن خلاصات ما قرأ فمفكراتُك ملآى بما لذَّ وطاب من الفوائد. إنه استغلالٌ جيدٌ للوقت وتستطيعُ خلال فترةٍ وجيزةٍ الانتهاءَ من الثلاثِ كتب والبدء بغيرهم. عدا أنك ستضع الملل جانباً. ومع هذه التجربةِ ستجد من يُثنيك عنها بحججٍ كثيرةٍ مقتنع بها، فما عليك إلا أن تُحررَ أفكارَك من التبعية وتخوضَ التجربة بنفسك وتستخلص النتائج وتختار ما يناسبك.

ماذا يحدثُ إذا تركت القراءة؟

هذا يتوقفُ على تعريفِك للقراءة، إنّ كانت القراءةُ هي أنفاسُك فستفقدُ أنفاسَك وإن كانت روحُك فستفقدُ روحَك وإن كانت حياتُك فستفقدُ حياتَك إن انقطعتَ عن التشبثِ بتلابيبِ الكتب، أما إن كان تعريفك للقراءةِ أنها المتعةُ فليس هناك متعة بعد هجرك إياها. أما إن كنت تعتبرها جالبةً للنومِ فسوف تعاني من الأرقِ طيلةَ حياتك إن لم تمسكْ كتابك قبلَ النوم. لأولئك للذين يعتبرون القراءةَ هي المنوم الوحيد فيقرأون ليناموا أقول: “ناموا، ما فاز إلا النُّوَمُ”

كيف أنظمُ وقتي للقراءة؟

تقول: ليس لدي وقتٌ لأقرأ، فأنا أم وموظفة ولدي التزامات كثيرة عدا ذلك فأنا مديرةُ مجموعةٍ على الفيس بوك وأخرى على الواتس آب! يا سيدتي الفاضلة إن كان لديك مشروعًا يدر عليك المال وتقتاتين منه هل ستجدين له وقتاً؟ بالطبع نعم. سوف تنظمين وقتَكِ لتجدي مساحةً لمشروعك. إذن كيف لا تجدين مساحةً لمشروعِ القراءة؟ إن كان مشروعُك الأول لتنمية أموالك فمشروع القراءة لتنمية الروحِ والعقلِ والسعادةِ والثقافةِ وكشفِ أسرارِ الكونِ التي تتعطشُ لها نفوسُنا في كلُّ وقتٍ وحين.

نظّمي وقتَك يا صديقتي، الأهم فالمهم، اقرأي وقت الانتظار، انتظار في مستشفى أو في مطعم أو انتظار نضج الطبخة. اقرأي في كلِّ الأوقاتِ طالما أنَّ لديك مشروعاً اسمه القراءة فعيشي لهذا المشروع وابذلي مافي وسعك لنجاحه ونموه.

استغلي الوقت بعد صلاة الفجر اقرأي وِردَك من القرآن ثم اقرأي كتاباً، استمعي للكتبِ المسجلةِ فهي كثيرة على الإنترنت. اقرئي أثناءَ ذهابِك للعملِ إن كنتِ امرأةً عاملةً، وإن كنتِ مديرةَ مجموعةٍ في مواقع التواصل فاستغليها في نشر ما قرأتِ ومشاركته مع الصديقاتِ وأفرادِ العائلة. اكتبي الفوائدَ فلعل أحدهم في أمس الحاجة إليها فتكسبين أجراً.

كيف أحصلُ على الكتبِ؟

نتقدمُ بالشكرِ الجزيلِ لكلِّ كاتبٍ سمحَ بتحويلِ كتابَه الورقي إلى إلكتروني، كما ونتقدمُ نحن القراء بجزيلِ الشكرِ لكلِّ من بذل جهداً في تصويرِ الكتابِ ورفعه على الإنترنت ليسهُلَ على القراء الحصول عليه. جهودٌ جبارةٌ تستحقُّ الشكر.

يصعبُ الحصولَ على الكتبِ الورقيةِ أحياناً إما لأنَّ القارئ في بلدٍ أجنبي أو لعدمِ توفرِ تلك الكتب. ليست مشكلة فالكتب الإلكترونية متوفرة على الإنترنت ويسهل الحصول عليها وهناك مواقع تحمل منها دون الحاجة لتسجيل مثل موقع مكتبة نور. ما عليك سوى أن تختار ما يناسبك من الكتب وتضغط على كلمة (تحميل). الأمر في غاية السهولة.

نصيحة

اخترع كلَّ يومٍ طرقاً جديدةً لقراءَتك واستمتع بها، دوّن ملاحظاتِك في دفترٍ خاص، شاركّ أصدقاءّك في مواقع التواصل بما اكتسبتَه من معلوماتٍ تجد الآخرين بحاجة لها. انشر ما تعلمتَ من القراءةِ وما أجدتْ وتجاربك. رشّح ما تقرأ لمن حولك. اجعلْ القراءةَ حياةً بالنسبة لك تشعر معها بالسعادة. وإن كنتَ قارئاً نهِماً فلابد من وجودِ أجواء حولك تتناسب والنهِمين فالمجتمع ينتظم بانتظامك وحتى أفراد أسرتك يصبح لديهم مجسّات لأوقات قراءتك وانفصالك عنهم لعالمك الخاص فيتلائمون واهتماماتك. اقرأ فالقراءة حياة.