"التفكير خارج الصندوق" مقولة متعارف عليها تُقال في محل التعامل مع المشكلات المتأزمة وذلك للخروج بحلول غير اعتيادية (وربما هي أصلها مقولة آينشين الجميلة: "لا يمكنك التفكير في حل لمشكلة صنعت بنفس نمط وطريقة التفكير")

​ولكن معهد أربنجر يستعمل نفس المصطلح للدلالة على أمر آخر لا يقل أهمية وذلك عند طرحه الكتاب الأكثر مبيعا لمجال "فن القيادة وإدارة المؤسسات"في وقته مع مطلع الألفية:

Leadership and Self-Deception: Getting out of the Box, by the Arbinger Institute.

الكتاب يتناول ظاهرة أو مشكلة تحصل لنا جميعا هي الأكثر انتشارا داخل عمل المؤسسات وهي الأكثر إشكالا "وتدميرا" على حد دراستهم وقولهم.

تتلخص الظاهرة في حالة نفسية (فكرية) يدخل فيها الشخص ("دخول صندوق مغلق" كما يصفونها هم أو كـ"واقع مواز تنغمس فيه يأخذك عن الحقيقي" كما قد أصفه أنا) يعميه عن رؤية الحقائق على ما هي عليها، فيأخذ في رؤية أخطاء الناس من حوله ويرجع أي مشكلة تحصل بالمكان إليهم هم فيشرع في إلقاء اللوم عليهم هم (حتى وإن لم يصرح لهم) ويبعد أي لوم عن نفسه وهو داخل الصندوق لا يرى أخطاءه هو بالأساس.

وعادة ما ندخل في هذه الحالة (ندخل في الصندوق) لما نواجه موقفا يتطلب منا تحمل مسؤولية تجاه آخرين فإذا بالنفس تبدأ في الخداع (خداعي أنا نفسي قبل أي أحد آخر) حتى يطلع قرارنا الذي سنتخذه يصدد هذا الموقف يبدو عادلا منطقيا في أعيننا هكذا حيث تتضخم فيه أخطاء الآخرين (وتتصاغر حقوقهم وواجبنا نحن تجاههم) وتتضاءل أخطاءنا نحن (وتتعاظم حقوقنا التي سنراها واجبا ملزما على الآخرين أن يرعوه).

والمشكلة مركبة هنا على فكرة حيث أن دخول الواحد منه للصندوق وما سيترتب عليه من سلوكنا تجاه الآخرين هكذا سيكون مدعاة لدخولهم لصناديقهم هم كذلك فتزداد الطين بلة والرؤية عتمة وعمى فلا تكاد تُرى حقيقة أو يُعمل به عامل.

فبرأيكم يا ترى إلى مدى تنتشر هذه الظاهرة بيننا سواء في مجال العمل أو حتى على مستوى الشخصي بالحياة عموما؟ وما طرق الخلاص منها "كيف تخرج من الصندوق؟" أو ربما الأوقع "كيف لا ندخل فيه ابتداء ونتسبب في كل هذا العناء لأنفسنا وللآخرين؟