أثناء قراءتي لرواية (زيتون) للكاتب (دايف إيجرز) جذبني حوار دار بين البطل ونفسه عن أحد إخوته، والذي كان بطلًا رياضيًا بلا منازع، وكانت بطولته تلك مدعاة لجعل جميع أفراد الأسرة الكبيرة يحاولون بشتى الطرق أن يقوموا بأعمال لا تقل عظمة عن ما فعله أخيهم. ولا يصح غير هذا. وبناءً على هذه القناعة اتخذ زيتون قرارًا بالبقاء وسط الإعصار والفيضان؛ محاولًا أن يقوم ببطولة فاقت قدرته وأمانه وأمان أسرته بمراحل. 

مما جعلني أتساءل عن الأثر السلبي لتفوق فرد من أسرة ما - سواء كان هذا الفرد والد، والدة، أخ، أخت ....الخ - على بقية الأفراد، والذي يتسبب ربما في فشلهم، أو خوضهم لطرق وأمور لا تسعدهم، أو تناسبهم، ولكنها تضمن لهم - كما يظنون - نفس النجاح والوصول لنفس القمة. 

إن آثار هذه القناعة الخاطئة _ بأن البشر جميعًا متشابهين، وبالتالي قادرين على فعل نفس الأشياء والوصول لنفس القمم والنجاحات طالما وصل لها أحدهم _ كثيرة، وذات تأثير مدمر لكل من ينتهجها في حياته. 

لنبدأ إذًا في استعراض بعضها توضيحًا للأمر ...

إن من يحاول تقليد نجاح فرد ما في هذه الحياة، سواء كان من أسرته أو لا يقع تحت ضغط شديد سواء ممن يحيطون به، أو ما يوقعه هو على نفسه. هذا الضغط الذي يصل به عاجلًا أم آجلًا إلى انفجار غير محسوب العواقب، وربما يكون سببًا في سقوطه من أعلى عليين لأسفل السافلين. 

 إن الدخول لمطحنة المقارنة والتقليد بمثابة فقدان النفس والروح والهوية، ومن ثم الدخول في أمراض نفسية شديدة وربما متاهة لا نهاية لها. تبدأ من محاولات اثبات أنه الأفضل مرورًا بالسعي إلى التوفيق بين ما يُحب وما يحاول اثباته، لتنتهي بضياع وربما ثقب أسود لا يُعرف لأي جهة يقود. 

من يضع نفسه في مقارنة مع الغير ينتهي به الحال إلى عدم قبول الآخرين بأي شيء غير ما بدأه من الأساس، ينتظرون منه التقليد إلى مالا نهاية. يوجهون النقد واللوم والتقريع إن حاول العودة إلى نفسه وروحه وفعل ما يناسبه بحق. يبدأون في لومه، محاولة إقناعه بأنه يمكن الجمع بين ما يريده الناس منه وما يريده هو من الأساس. وهو شيء يفوق المستحيلات بمراحل. 

لن يرضى الناس جميعًا عنك مهما فعلت، ستجد نفسك على الدوام تركض محاولة فقط لنيل رضاهم ولن تنجح. 

وأنت: هل جاء يوم ووجدت نفسك تحاول اثبات نجاحك للجميع حتى ولو تخليت عن روحك؟