كتاب Ordinary Men أو الرجال العاديون هو كتاب للمؤرِّخ الأمريكي كريستوفر براوننغ. نشر عام 1993 ويتحدَّث عن الفترة النازية في المانيا وانتقالها إلى الدول المحيطة، ومنها بولندا بعد أن مرَّت عليها ألمانيا واحتلتها.

قصّة هذا الكتاب، هو عن تحوِّل يمرُّ به الجنود البولنديين، الذين لم يتربّوا على أفكار النازية، لم يتأدلجوا. لكن هذه الأحداث تحدث لهم بعد احتلال النازية لبولندا.

الجنود تُسند لهم مهام مروِّعة، مهام تتضمَّن اطلاق النار على سيّدات حوامل عُراة في العراء، وكان قائدهم قبل بداية هذا العمل يحذّرهم، ويخبرهم أنّهم سيقدمون على أعمال منكرة، ومن شاء منهم الهروب فليفعل.

لكنّهم لم يفعلوا، شعروا بداية بأنّهم سيُطلق عليهم جبناء، بقوا ومرّوا بواحدة من أغرب مراحل التحوّل التي يمكن أن تخطر على بال انسان.

وجدتُ أن جوردان بيترسون يذكر هذا الكتاب كنموذج لتوضيح فكرته -وفكرة الطبيب النفسي يونغ من قبله- حول أنَّ البشر يمتلكون قدرة على الشرِّ، ومن هنا ينطلق إلى نقطتين مهمتين:

1) اذا توفَّرت لك الظروف المناسبة لاطلاق هذا الشر، هناك احتمالية كبيرة إنّك ستفعل.

2) إذا علمت بقدرتك على الشر واستطعت التحكّم بها واخضاعها. حينها تستطيع أن تكون انسانًا صالحًا حقًا.

لعلّنا لن نعاني مثلما عانى منه الجنود البولنديين، لكن فهم قدرتنا على الشر سيكون مفيدًا أيضًا.

عندما تفهم أنَّك بمقدورك أن تكون شخصًا سيئًا، أبًا ظالمًا، أمًا قاسية، سكّيرًا عربيدًا، وما يفصلك عن ذلك إلّا سلسلة من القرارات، حينها فقط تستطيع أن تأخذ الخيار الصحيح وأنتَ مطمئن أنَّك تفعل الصواب.

الموضوع يشبه لحد كبير قصّة بداية خلق آدم، وكيف تسائلت الملائكة عن سبب خلق مخلوق ينشر الفساد في الأرض؟ ثم تحوّل التساؤل إلى سجود، حينما أنبأهم آدم بالاسماء كلها، وعرفوا أنَّ لهذا المخلوق قدرة على الخير والشر وليس الشر فقط، وله عقل يقوده إلى هذا أو ذاك.