حفلات التوقيع هي أحد مظاهر معارض الكتاب خاصة، حيث تجد طابورًا من البشر نساءً ورجالًا، شبابًا وفتيات، اطفال، مراهقين وغيرهم من الفئات مصطفين أمام دار نشر ما، وعندما تسأل عن السبب يُقال لك أنهم اصطفوا هكذا للحصول على توقيع الكاتب المشهور ..... أو ربما الكاتبة المشهورة .... قد تمتد تلك الطوابير لساعات، قد يقضي الكاتب ساعات طوال في التوقيع للقراء وفقط. دون وضوح فائدة تذكر من كل هذا الازدحام وهذه التوقيعات. 

لا أُنكر أني نفسي فعلت هذا يومًا ما في بداية الشباب، ولكن ألسنا جميعًا نفعل أشياءً في مقتبل الشباب ثم ندرك مدى سذاجتها في مرحلة من النضوج الفكري وهكذا. 

السؤال هو ما الأسباب التي تدفع لحفلات التوقيع ؟

إن الأسباب التي تخطر على عقل المرء كثيرة، ولكن بصورة تحليلية سريعة سنكتشف أن اغلب حفلات التوقيع التي تقام في السنوات الأخيرة، كانت تقتصر على أن يوقع الكاتب على آلاف من النسخ لآلاف من القراء، وإن كانت هناك فقرة لمناقشة ما خطته يداه لا يتعدى عدد الحضور المئة بحال من الأحوال إن لم يصل لخمسين شخص فأقل. وكل تجمهر يكون على حسب الكاتب، ومدى تأثيره، فإن كانت كاتبًا شابًا، ينشر شعرًا عاميًا، أو بلوجر ناجح على السوشيال ميديا فبالطبع سيكون الجمهور أغلبه مراهقات ومراهقين، وربما شباب يطمع في أن يكون مثل هذا اللامع. إن كانت امرأة تدافع عن حقوق المرأة يكون الجمهور أغلبه من المدافعات عن نفس الأمر، المقهورات، العاملين في هذا المجال ... الخ. السمة الوحيدة المشتركة هي التوقيعات والتقاط الصور وفقط. 

إذا ما الهدف المرجو منها؟ ترويج لكتاب ما؟ أم السماح للقراء بمناقشة الكاتب فيما خطت يداه؟ أو ربما هي خلق لاسم الكاتب من خلال تمجهر الناس حوله وبالتالي شغف البقية لمعرفة من هذا الكاتب الذي حقق نجاحًا ساحقًا بهذا الشكل ليشتروا نسخًا من كتبه، وينتشر اسمه اكثر وهكذا.

إن قلنا أن الهدف الأساسي لتلك الحفلات أو الندوات هي مناقشة الكاتب فيما كتب، وربما توجيه بعض النقد له، أو السؤال عن نقطة لم تتضح للقارئ، هذا جيد، ولكن هل هذا ما يحدث بالفعل أم أن النقاش لا يتعدى الدقائق المعدودة لتبدأ بعدها الصورة النمطية المعتادة، التوقيع والصور التذكارية؟. 

الأمر الأخير والذي ربما هو الأهم من كل هذا هو تأثير تلك الحفلات على الكاتب وكتابه. فدور النشر التي ترغب في ترويج كتاب ما، تقوم بحملة حفلات توقيع على مستوى واسع من المدن في شتى البقاع سواء داخل بلد الكاتب نفسه، أو خارجها في المحطات المؤثرة في عملية النشر والبيع؛ مما يخلق حالة من الاستنفار والرغبة والفضول في قراءة هذا الكتاب الذي اقيمت الدنيا واقعدت لأجله. فماذا لو بعد كل هذا اتضح للقراء أن الكتاب لا يستحق كل هذه الضجة؟ ألا يكون هذا فشل وسقطة للكاتب لا نهوض منها بعد هذا؟ 

من رأيي أن حفلات التوقيع هي شكل اجرائي لا أهمية له، يمكن الاستعاضة عنه بآلاف الطرق الأخرى إن كانت الغاية منها نقاش الكاتب في أفكاره. وإن كان الهدف منها التسويق فإن الكتاب الجيد سيسوق لنفسه بنفسه، بجودة كلماته، وقوة أسلوب صاحبه. 

وانت ما رأيك؟ هل حفلات التوقيع أمر مهم للكاتب ودور النشر؟