من عدة أعوام قرأت أول كتاب لي في التنمية البشرية، كان كتاب بإسم ( مالم يخبرني به أبي عن الحياة) لكريم الشاذلي. الكتاب كان اسقاطًا للضوء على عدة خبرات مر بها الكاتب على مدار حياته، فقرر أن ينقلها للقارئ؛ حتى لا يقع بما وقع به، ويتعلم الدرس الذي تعلمه الكاتب. حينها رأيت أن هذا ورغم نفعه إلا أنه ذات سلبية خطيرة، ألا وهي أن البشر مختلفين، وبالتالي لا يجوز تعميم تجربة شخص على الآخرين، أو القول بأن ما أتى به الكاتب هو الصواب وما دونه لا - في مجال الخبرات الشخصية والتجارب الحياتية -، علاوة على أن كل كلمة ذكرت في الكتاب نحن جميعًا على دراية بها، ولكننا إما نتجاهلها، أو لا نجد سبيلًا للوصول إليها، وهو مالم يقدمه الكاتب للقارئ، لم يدله على طريق الوصول. وعلى الرغم من هذا فقد استمتعت بلغة الكاتب والتي كانت وقتها قوية بالنسبة إلي. 

بعدها قرأت كتاب لإبراهيم الفقي رحمه الله بعنوان (ايقظ قدرتك واصنع مستقبلك) لا أذكر حينها الصورة التي تكونت في عقلي مع كل سطر قرأته، ولكن ما اذكره أني شعرت بملل نوعًا ما عند القراءة. وكان هذا هو تقييمي للكتاب على جودريدز 

تجربتي الثانية مع كتب التنمية البشرية بعد كتاب (مالم يخبرني به أبي عن الحياة) لكريم الشاذلي وبإذن الله هتكون الأخيرة. أنا بحترم د.إبراهيم الفقي وبحب أسمع برامجه جدا ، وبرغم كده أنا تأكدت بعد قراءتي لكتابه ده وقبله كتاب أ.كريم إن التنمية البشرية مجرد كلام كتيييييير جدا أنا وانتي وانت عارفينه كويس أوي بس بنتجاهله أو مش واخدين بالنا منه فبيكون دور التنمية البشرية هو تذكرينا بالكلام ده بس بشكل علمي تقريبا مع إضافة كام جملة تشجيعية ليك . بالنسبة للكتاب ده بقى ، أولا وعلى عكس الفهرس اللي قسم الكتاب لعناوين الكتاب مش متقسم لعناوين لأ ده الكلام كله داخل في بعضه وده كان شيء مرهق ومشتت كمان وخصوصا لو اضطريت توقف القراءة للسبب ما فبتلاقي نفسك بتبطل قراءة عند نص الكلام وحبل أفكارك بيتقطع ولما ترجع تقرأ تاني بيكون صعب عليك تربط الكلام ببعضه ، دي نقطة. النقطة التانية هي الرغي الزايد عن اللزوم ، الكاتب مثلا كتب صفحات كتير جدا علشان يثبت الجملة دي بس (الإدراك هو كل شيء ، فهو بداية التغيير ، ولن يحدث تقدم بدون الإدراك ، وإذا لم تدرك قدراتك فلن تستخدمها) ، اللي بيحصل إنه بيثبت الجملة بقصة أو كلام بعدين يرجع من الأول يثبت نفس الجملة بقصة تانية أو كلام تاني بس النتيجة واحدة ، 50% من الكلام اللي في الكتاب حشو زائد عن اللزوم وهو ده جوهر التنمية البشرية. استفادتي من الكتاب لم تتعد ال 1% وكذلك كان الحال مع كتاب أ.كريم الشاذلي وأعتقد هتكون دي هي نفس النسبة لو قرأت أى كتاب تاني في المجال ده. الخلاصة كتب التنمية البشرية كلام ما فيش منه أي استفادة اللهم إلا شوية الطاقة الإيجابية اللي بتزودنا بيها بعد ما نخلص قراءتها ومابتستمرش معانا أكتر من كام ساعة أو كام يوم ( مجرد رأي ). تقييمي للكتاب 3 نجوم 

ووقتها اتخذت القرار بأني لن اقرأ كتب تندرج تحت قائمة التنمية البشرية مرة أخرى، إلا أني خالفت هذا العهد وعدت لأقرأ كتاب آخر لا اذكر اسمه الآن، ولكنه كان آخر ما قرأت في التنمية البشرية، لأتوقف تمامًا بعدها عن القراءة فيها بتاتًا؛ فهي لم تضف لي أي شيء على الإطلاق، سوى العديد من الحماس وفقط، حماس لم اعرف بعد الانتهاء مما اقرأ اين أوجهه تمامًا حتى يعود علي بالنجاح الذي وعدت به على مدار القراءة. 

ما تفعله التنمية البشرية سواء كانت كتبًا أو محاضرات ما هو إلا شحذ للطاقات المتواجدة بداخلنا، ثم لا تجد متنفس لها، شحذ مستمر دون تفريغ، مما ينتج عنه كبت وانفجار في الأخير في غير المحل الصحيح، أو حتى سقوط تام وهدوء قاتل عند الفشل في تحقيق خطوة ما. شحذ ومحاولة دفع للمرء للاعتقاد بأنه قادر على النجاح إن أراد، مهما كانت الظروف قاسية أو استحالية، وهذا لا يشمل تقديم الكيفية التي يقدر بها المرء على فعل هذا. شحذ وفقط. على عكس كتب التنمية الذاتية، أو الإدارة والتي تقدم نصائح علمية مدروسة قائمة على خطوات منهجية تدفع الإنسان إلى الوصول، وليس التحمس وفقط. 

إن الحياة المثالية التي تقدمها التنمية البشرية لنا، والنجاح المتواصل هو درب من دروب الخيال، إن طريق الوصول وعر، مليء بالمشكلات والعقبات والمستحيلات أكثر من المغريات بأضعاف مضاعفة، ولا يتضمن وصولًا على طول الدرب، بل أنه قد لا تصل أبدًا، انت بالفعل لا تصل أبدًا، من الندرة الوصول لمنتهى الطريق. وبالتالي فتلك الحماسية التي اكتسبتها من التنمية البشرية إن لم تكن مدعومة بالاستعداد للـ (الممرمطة) كما نقول بالمصري، والتعب الشديد، والفشل في أغلب الأوقات، والسقوط والنهوض مجددًا فحقيقة لن يكون لها أي أهمية أو دور يذكر. 

وأنت ما رأيك؟ هل التنمية البشرية تقدم فائدة لقارئها أو المستمع لمحاضراتها؟