الرواية قلق الكاتب ..
عندما انتهي من الرواية لا أكون سعيداً لأني انتهيت من الكتابة ، بل أكون قلقاً لأبعد الحدود ، والقلق لا يتولد من ضعف العمل ولا قوته ، بل من كل شيء في الرواية الأجزاء الصغيرة التي لا ينتبه لها القارئ أحياناً تكون مزعجة وأيضاً ، النشر ، التدقيق الاملائي والنحوي ، الرقابة ، دور النشر ، هل ينجح العمل أم يفشل ؟ كل تلك الأمور تمر في ذهني عند الانتهاء من العمل .
ولا يعني هذا أني سأتجاوز تلك الأمور بسرعة واعتبرها خطوات ثابته في مراحل تأليف ونشر الرواية بل هي مقلقة لدرجة أنها تأثر عليّ بشكل قوي لدرجة أني احفظ الرواية ولا أنشرها ، او أهملها لبضع سنوات ، وحين أقرر أن انشرها تعود كل مراحل القلق والتوتر من جديد ، وأدخل في دوامة من الأفكار .
مثلاً لدي رواية كتبتها في عام 2016 ولم أنشرها إلى الآن لكن في هذه السنة قررت نشرها ، ولم اؤجلها كل تلك المدة لأنها صيغت بشكل سيء أو أنها ليست مشوقة بل لأن فكرة الرواية غريبة ، وتحمل بعض الأفكار والتصرفات التي أعرف أنها متهورة ، فكانت متردداً كثيراً وحفظتها كل تلك السنين ، وعندما اعدت قرأتها منذ فترة شعرت بقيمة العمل ، أرسلته لدار نشر محترمة في الدوحة إلا أنهم أبلغوني بالرفض والمؤسف أن دور النشر لا تخبرنا بأسباب رفض العمل ، لكنهم بعد فترة من الزمن حين تواصلت معهم بشكل مباشر أخبروني أنه ربما يكون العمل قد رفض لأن الرقابة لن توافق عليه من جهة المضمون ، ولم يؤكدوا لي تلك المعلومة ، لم أيأس وأرسلته لدار نشر أخرى لها وزنها الثقافي خارج قطر ، وأفادوني بالرفض ، ولم يبينوا أي أسباب لذلك حتى حين تواصلت معهم رفضوا أن يتحدثوا وقالوا أن لجان التقييم لديهم لا تعطي مبررات لرفض أي عمل تناقشه .
شككت حينها في العمل لكن لم أيأس وعرضته على شخص متخصص في الأدب وهو دكتور في مجاله ومحاضر في احدى الجامعات في قطر ، وفاجأني برأيه في الرواية ، اثنى عليها وقال لي أنها تستحق النشر سواء في الدوحة أو خارجها فهي عمل جيد يستحق التقدير ، ولا شك أنه اعطاني بعض الملاحظات وأنتقد بعض الأمور وهذا أمر طبيعي ، لكنه أعاد ثقتي بتلك الرواية التي بدأ افكر أن اضعها على الرف مرة أخرى للأبد .
القلق لا يكمن في جودة العمل أو ضعفه ، القلق يتولد حين نتأكد أن ما نقدمه عمل جيد لكن نجد أن الجهات التي يمكنها أن تدعم تلك الأعمال لا تلتفت لها ، بل تتملص من النشر ، وحين ذلك سيتحول الكاتب دون تردد لدور نشر ضعيفة لا تراجع الأعمال ولا تقيمها بشكل صحيح ويشتري الكاتب خدماتها سواء في الطباعة أو التسويق ، وفي النهاية يكون المردود ضعيف في التوزيع والتسويق ، لأن اغلب دور النشر الصغيرة تهمل الكثير من الجوانب ، ويعمل الكاتب نفسه على تسويق اعماله ونشرها .
كيف لا يصيبني القلق فكي أنشر رواية لدى جهة قوية في مجال النشر والتوزيع أعرف أني سأعاني الأمرين وربما أصاب بالإحباط بسبب ذلك وكيف لا اعاني القلق وأنا سأضطر لدفع تكاليف الطباعة والنشر ، وفي النهاية سأقوم أنا بنفسي بالتسويق لروايتي دون مجهود يذكر من دار النشر .
وبعد هذه المرحلة ينتقل القلق لمستوى آخر مدى قبول الجمهور للعمل ، وأعتبر هذا هو التوتر والقلق الأكبر الذي اعانيه ، فما يهمني هو القارئ وردة فعله فأنا اعتبر أن رأي القارئ مهم بالنسبة لي ، وهو المعيار لتقيم العمل ، ولا اقصد أني لا احصل على تقييم اشخاص مختصين ، بل افعل ذلك لكن الجمهور هو الأهم وهو من يعطينا الدافع للاستمرار .
التعليقات