الثلج، أحد روايات الكاتب التركي أورهان باموق، ترسم مشاهد معقدة ومتشابكة عن الأفكار والهوّية والتاريخ، ودور البؤس والفقر في التأثير على قناعات الناس واتجاهاتهم.

يدور محور الرواية في قرية "قارس" النائية والقابعة فوق قمة أناضولية، تلك القرية الغارقة تحت أكوام من الفقر، والجهل، وتعنّت الآباء، واستخدام الضرب وسيلة للتربية، وظلم القاصرات، وسيطرة الأثرياء، والثلج!!!.

قرية نائية، سكّانها من طوائف وقوّميات وعقليات فكرية متعددة، الأمر الذي تمتزج فيه المعتقدات الكاذبة، حيث لا يكون هنالك حقيقة واضحة راسخة.

ويحدث أن ينتشر الانتحار بين الشابّات بشكل لا يكون مفهوماً للناس من خارج القرية، ليحاول الشاعر والصحفي كريم ألاقوش المعروف باسم "كا" أن يستكشف الأسباب والمبررات لذلك.

حوارات كثيرة بين الصحفي وأهل القرية الغارقين في معتقدات موروثة، كان أجملها: 

-لا تنتحر المرأة بسبب إهانة كرامتها، وإنما لترى كم هي صاحبة كرامة.

-الرجال يتجهون للدين، والنساء ينتحرن.

-هذا الشعب شبيه بالحملان يتحجج بدينه، لكنه ينفذ ما تمليه عليه الأعراف والقوانين.

-من الغباء أن يقضي الإنسان حياته في سبيل معتقداته في مكان يعمّ بالظلم لا يعطي قيمة للإنسان، المبادئ والمعتقدات العظيمة هي من أجل الناس ولا يكون ذلك إلا في الدول الغنيّة.

-في دولة فقيرة ليس لدى الإنسان ما يتمسّك به غير معتقداته.

-ليس ثمة شيء له معنى في هذه الحياة، لذلك مَن ذا الذي يريد يعيش فيها؟

لقاءات صحفية كثيرة، وكلّ يرى الأمر من منظوره الخاص، النابع من أفكاره التي تربّى عليها فعشعشت في عقله، وأحداث متسارعة لتأتي الرواية راسمة الكثير من الأفكار التي تبحث عن هوّية ما، وحقيقة مختفية بين طيّات معتقدات فكرية مختلفة، ومبررات كثيرة نابعة من تلك الأفكار لكنها بعيدة كلّ البعد عن الحقيقة الفعلية التي قادت الفتيات لجعل الانتحار وسيلة للتخلص من حالات العنف والضغط الأسري والقوانين التي لا تحترم الحريات الفردية.

كنت أغوص في تلك التفاصيل، بين تسائل حيناً وحيرة في أحايين، مَن الذي يمكنه إنكار أن عوالم الروايات وإن أتت من ثقافة مختلفة لا تمّس واقعنا الذي نحياه ولا تتشابه ظروفها بظروفنا؟.

لكنني اليوم معكم أرغب بشدّة بمعرفة رأيكم في إحدى المقولات التي تمّ إيرادها في الرواية، فهل حقاً في دولة فقيرة ليس لدى الإنسان ما يتمسّك به غير معتقداته، ولكن ماذا إن كانت معتقداته غير صحيحة؟!.

كيف ستكون نتيجة وعواقب تصرفات أصحاب المعتقد الخاطئ والأفكار الملوثة على المحيطين؟