أنهيت مؤخراً قراءة رواية السندباد الأعمى للروائية بثينة العيسى ، بعيداً عن مسرح أحداث الرواية الذي يتناول بشكل ملحوظ الكويت خلال حقبة الغزو، ما قبلها و ما بعدها ، إذ يعد هو الحدث الأبرز و المحرك لبقية أحداث الرواية ، و لكن ما لفت انتباهي في الرواية هي شخصية الطفلة مناير التي نجحت في كل مرة في إثارة تعاطفي معها .

مناير هي ضحية خيانة أمها لأبيها ، فالرواية تتناول قصة الحب الذي أبى الإنطفاء حتى بعد زواج أحد أطرافه ، و حتى بعض أن أصبح حباً محرماً ، إلا أنه قد بقي حياً في قلبيّ نادية و صديق زوجها المقرب عامر ، الأمر الذي بقي سراً لفترة من الزمان ، و لكن لا خطيئة كهذه تبقى سراً للأبد .

طوال عام لم ينسى نواف تلك الليلة التي تبع فيها زوجته ليراها بجانب صديق عمره عامر في مشهد أشعل نيران الخيبة و الغضب في قلبه ، ذلك اليوم الذي خسرت فيه مناير أمها للأبد ، و والدها أيضاً على ما يبدو ، تلك الليلة التي خسر فيها الجميع .

لا نغفل هنا أن نادية دمرت حياة طفلتها بأنانية عمياء لا تليق بأم ، أظنت أنها ستستمر في خياناتها دون عقاب ، أغفلت انها بفعلتها الشنيعة قد عاقبت أسرة بأكملها و فككت علاقات استمرت لعقود بتهوّر ماجن ، هل استحقت هذه الرغبة الطافية كل هذا التدمير ؟ و لكن ما ذنب الطفلة مناير ها هنا ؟

بعد عام ، و بعد أن تنفس نواف الحرية خارج السجن لأول مرة .. حرية موؤودة لا تشبه الحرية التي يتمناها أي سجين على هذه الأرض ، عاد إلى منزله اكتفى بالترحيب بالجميع متجاهلاً تلك الطفلة التي تقفز فرحاً و حماساً لرؤية والدها ، هي لم تشعر بأنها يتيمة إلا عندما عاد والدها من محبسه متجاهلاً إياها .

طوال الرواية و أنا تتملكني الشفقة على تلك الصغيرة التي تشعر بأنها غير مرئية وسط عائلة مكونة من 5 أفراد ، و بلد محتل تتقاذف فيه الصواريخ ليلاً و نهاراً .

أم مقتولة ، أب سجين .. تختبر طفلة في الثامنة كل ذلك وحيدة .

و لكن هل يحق لأب أن يقسو على طفلته لهذا الحد ؟ لسبب يراه هو فقط منطقياً .. لأنها تشبه أمها ، تذكره بخطيئتها التي لا تغتفر و تذكره بخيبته .

تلقت مناير عقاباً هو الأكثر ظلماً في هذه الحياة ، ليس من والدها فقط .. بل حتى من جدتها .

إنه لمن الجور أن يحاسب أحدهم على ذنب لم يأت به ، فكيف بطفلة أكبر همها هو جمع الأصداف من الشاطئ؟

إن التفكير في الأمر طوال قرائتي للرواية لم يكن يطاق .. أن تحمل طفلة بعمر الثامنة حملاً لا يخصها كل ذلك الوقت .

و أنتم ما رأيكم ..هل من العدل أن تعاني طفلة من جفاء والدها بسبب خطأ لم ترتكبه؟ وهل مثل هذه النماذج موجودة في مجتمعاتنا؟