نرى الكثير من الأشخاص الذين لم يحصلوا على الاهتمام و الأمان و الدعم و القبول و التي تتمثل بالحاجات الأساسية التي يحتاجها أي فرد منا سواء كان صغيرًا أو كبيرًا، فالطفل الصغير يكون بحاجة إلى نثل هذه الاحتياجات حتى يستطيع تكوين علاقات فعالة مع الآخرين لزيادة ثقته بنفسه و تكوين نظرة إيجابية تجاه الحياة، و لكن ماذا إن لم تُعطى هذه الاحتياجات للفرد في مرحلة الطفولة ؟ هل يمكن أن يؤثر ذلك على علاقاته بالآخرين عندما يكون صغيرًا أو كبيرًا حتى ؟ 

عدم توافر تلك الاحتياجات يجعل من علاقة الفرد بنفسه و علاقته بالآخرين مشوهة، فلا يمكنه التعبير عن نفسه أو مشاعره و يفشل في التعرف على إنجازاته و يسعى دائمًا لاستحسان الآخرين و يهتم بموافقتهم على ما يقوم بفعله و تكون الجراح القديمة التي تطل من نافذة الطفولة هي السبب الرئيسي في ذلك .

للوهلة الأولى جذبني عنوان هذا الكتاب و عندما قمت بالبحث حوله في التطبيقات التي أتابعها و جدت أنه يلقي استحسانًا كبيرًا لدى القراء، و هذه ما دفعني لقراءته و لم أندم على ذلك فعلاً .

يسلط الكتاب الضور على مجموعة من الزوايا منها كيفية اكتشاف الطفل الذي بداخل كل فرد منا و كيفية التفريق بين الذات الحقيقة و الذات الزائفة التي قد يتقمصها الفرد للتعويض عن نقص أو حاجة لديه من خلال مناقشة مفهوم الطفل الداخلي والذي فسره على أنه جزء مفعم بالطاقة الإيجابية التي تدل على ذواتنا الحقيقة غير الزائفة التي نفتعلها أمام الناس، لينتقل بعد ذلك إلى زاوية أحرى يبين فيها كيف يمكن للعائلة أن تكون سببًا في قمع شخصية أطفالهم وفقدان ثقتهم بأنفسهم وخنق ذواتهم الحقيقية وما يترتب عليها من اهتزاز الثقة بالنفس والآخرين وقلة احترام الذات واضطراب المشاعر وغيرها .

ليعرج بنا في النهاية إلى مجموعة من الخطوات التي تساعدنا على شفاء الطفل الذي بداخلنا وتحديد الاحتياجات الروحية والعاطفية والنفسية والجسدية ثم تحديد الخيارات والصدمات النفسية وتحديدها والعمل على حلها .

أختم هذه المساهمة ببعض الأسئلة التي وجهها الكاتب لنا في بداية كتابه 

كيف يمكن أن تكون حياتنا من دون حب وشعور بالأمان؟ كيف يمكن أن تكون من دون عائلة ترعانا وترسخ أقدامنا في الحياة؟ كيف يمكن أن نكون أن لم نعش طفولتنا كأطفال، بل تحملنا مسؤولية الكبار؟