مكتبتي المهملة (8) في نظرك، هل استحقت رواية ساق البامبو جائزة بحجم البوكر العالمية؟


التعليقات

أظن أن الجوائز تُمنح تبعًا لتقييم خاص أنا لا أستطيع فهمه، وكما ذكرت في مساهمة سابقة لي أن الجوائز تمنح للروايات تبعًا لأهواء المحكمين بعد فرز كل الأعمال، وموافقتها للشروط، وكثيرًا ما وجدنا الجوائز وهي تثير استهجان المتابعين للحركة الأدبية، ولقد لاحظت هذا في مجالات أخرى، خاصةً السينيما، حين ذهبت السعفة الذهبية إلى فيلم "ستاشر"، ولما شاهده الشغوفين بالمجال تسائلوا كما تتسائلين، كيف يفوز هذا الفيلم بينما هو فيلم عادي لم يأتي بشيء مهبر؟

كما أن تشجيع البوكر للروايات التي تصف الإنسان العربي، وكذا الحال مع جائزة كتارا، يقيد أقلام المبعدين بالكتابة عن الإنسان العربي بينما يبرع الكثيرين في الكتابة عن موضوعات أخرى، وسواء كانت الرواية تستحق أو لا تستحق، فأنا لن أدعي أن رواية لا تستحق جائزة طالما لم أقرأها، ولم أقارن بينها وبين باقي الروايات التي ترشحت للقائمة القصيرة، لكني أجادل بأن الأصل نفسه في منح الجوائز خطأ، واستنكرت كثيرًا أن يكون الفائز بجائزة كتارا نسخة العام الماضي كاتب رعب، لأن روايات الرعب لا تمرر قيمة فكرية أو وجدانية أو إنسانية، وإنما هو تسلسل شيق ومرعب من الأحداث، يبرع الكاتب فيها - نعم صحيح! - لكن تظل بلا هذه الفائدة التي تمنحها جائزة شارك فيها ما يتعدى الألف كاتب على مستوى الوطن العربي!.

نعم كل هذه الرؤى تحتمل الصواب، لذلك فما أتحدث عنه هو تقبل وجهات نظر لجان التحكيم على أنها تظل وجهات نظر، فلا نعلي من شأن الرواية التي نالت جائزة عن أخرى لم تنلها، بصورة شخصية أنا لا أفضل أدب الرعب للأسباب التي ذكرتا في تعليقي، لكن لا ضرر في أن تفضلها لجنة التحكيم.

أرى أن حصل هذه الأسس الشاملة أمر صعب، وأن المسألة ترجع لتوجهات مختلفة، منها الصورة التي تريد الجائزة أن تبين نفسها منها، فيمكن لجائزة أن تُمنح لعمل معين لحرص القائمين عليها إبراز أهمية القضية التي يناقشها العمل، فإن العمل بالتالي حصل على الجائزة كونه تحدث عن قضية ما، ليس بالضرورة أنه استوفى معايير ثابتة، أما بالنسبة لي فأرى أن الراوية يجب أن تكون قدمت إبراز قوي لظاهرة ما، أو عبرت عن رؤية ثاقبة للكاتب عن موضوع معين سوا كان موضوع إنساني أو موضوع علمي، بجانب التقنيات الفنية المهمة في عالم الرواية، أميل أكثر للروية الواقعية لأن وصف الواقع وصفًا حقيقيًا أصعب من صناعة عالم من الفانتازيا، ولأن مس الواقعية يكون أحر حين دخوله في صدر القارئ، وأجدر على تهذيب فكره وجعله أنضج، وإثارة مشاعره وعبرته، مثل تعبير لن أنساه لدستويفسكي قاله على لسان أحد شخصياته "أنا أسجد أمام معاناة الإنسانية".

بالطبع إن روايات دوستويفسكي ترقى لمعاييري، بل ما هي معاييري أمام ما كتبه دوستويفسكي!؟ إذا كنت أحد أعضاء لجنة التحكيم كنت لأختار رواية الأصل لدان براون (أعلم أنها ليست عربية)، وقواعد العشق الأربعون، حيث أن الأولى تقدم فرضية علمية تتجه في الوقت الحالي لأن تكون حقيقة، وهي اندماج الذكاء الاصطناعي مع الذكاء البشري في وعاء واحد، مع حبكة درامية قوية، والتواءة صادمة، وأحداث مشوقة ومترابطة، فهي أفضل رواية تحدثت عن المستقبل في هذه الألفية.

أما قواعد العشق الأربعون فهي تعكس الحالة الرائعة من الصوفية التي يعيشها الدراويش، كيف أن هؤلاء بمعرفتهم الخاصة لله أصبحوا متسامحين مع الناس ومع العالم، فهم متدينون وعارفون ورائعون، ما يجعلهم مكروهين من المتذمتين والجهلة، والذين قتلوا شمس التبريزي في نهاية الرواية، إن طرح هذه الحالة الوجدانية الخاصة والرائعة في سياق روائي غني بالوصف والتفاصيل يجعلني أرشحها لنيل البوكر.

تستحق بشدة من أفضل الروايات التي قرأتها في حياتي

ناقشت عدة قضايا منها قضايا لم اسمع عنها من قبل مش قضيةالبدون مثلا مما جعلني أبحث

السرد بديع والشخصيات حية ومتماسكة والنهاية مذهلة

وفي النهاية نصيحة عزيزتي لا يجدر البحث عن الاستفادة في كل شيء حتى في الهوايات أحيانا أفضل الاستفادات ما يأتي تلقائيا

ثانيا الرواية لم تترجم فكاتبها كويتي الجنسية سعود السنعوسي 😅

إنما في الرواية يجعل بطل القصة الفلبيني هو كاتب الكتاب وأحد شخصيات القصة الأخرى ترجمها له

كل ذلك من دقة الحبكة التي أرادها السنعوسي لروايته

في الحقيقة أفضل مناقشتك في الأمر بعد أن تقرأيها😅

أليس من الأجدر أن تربح رواية كتبت بشكل أصلي باللغة العربية؟

عذرا يا عفاف، هل أنت متأكدة من هذه المعلومة، حاولت البحث حول هذا الأمر لأنه لفت انتباهي فعلاً، وتعجبت كثيرا من ذلك، ولكن كل الدلائل تشير إلى أن الرواية عربية بالأساس؟!

هل تستحق في نظرك ساق البامبو هذه الجائزة؟ وما الذي جعلك تظن هذا؟ هل أكملها؟ أم أنك موافق على أن أتركها تتبوأ مكانها الأبدي ضمن مكتبتي المهملة؟

صراحة لم أقرأها قبل ذلك، وكما تعلمين لست ممن يحبون اقتناء الكتب بسبب شهرتها من حيث الأساس، ولكني لدي قناعة معينة أود أن أشير إليها:

"ينبغي أن نتم ما بدأناه للنهاية"

مهما كان ما نقرأه، فإنه يظل مجتزء من أصل، وبالتأكيد أنت قادرة على فهم ذلك الشعور، فأحيانا نكتب من القصص ما نستشعر فيه بعض الرتابة أو التكرار، ولكننا لا نفضل أن يتم نقدنا إلا بعد الانتهاء من القراءة لكامل النص!

كل كاتب لديه فكرة ما يود إيصالها، قد تعجبنا الفكرة وقد لا تعجبنا، ولكن تركنا للعمل من منتصفه لن يكون منصفا، ناهيك عن أنه سيجعلنا نعتاد على ذلك بمرور الوقت، ونفقد شغفنا بإنهاء الأمور لنهايتها.

نعم اتضح الأمر الآن، صراحة لم تصلني تلك النقطة من خلال البحث الخارجي، لقد كنت على وشك شرائها لأتمكن من البحث حول هذا الأمر ^-^

أشكركما على التوضيح.

غريب يا عفاف؟ كيف مترجمة، هي رواية عربية للكاتب سعود السنعوسي! وهذا ما اعرفه طوال عمري

الموضوع فبه مبالغة كبيرة حتى المسلسل التي عرض بنفس اسم الرواية لم اشاهده ولم احبه اطلاقا هناك قضايا اهم

المسلسل سيء

شاهدت خمس حلقات و توقفت بعد ذلك. ليست المشكلة في الاقتباس، بل في التنفيذ. مشاهد التمطيط و كثرة الصراخ و الأصوات المزعجة تنفر المشاهد. الممثل الذي يؤدي دور الفلبيني غير فلبيني و لا يشبه الفلبينيين أو المولودين من أم فلبينية.

كل مايمكنني قوله انه تم اضافتها الى قائمة القراءة لاحقا ،ربما يكون لي فيها راي حينها .

لقد قرأت ساق البامبو منذ عدة سنوات، والحق يقال أنها لم تكن رواية جيدة جدًا في نظري لكنها ملفتة بعض الشيء، وذلك نظرًا إلى قضية الاغتراب الشائكة التي تطرحها الرواية. بالتأكبد أنصح بأن تكمليها نظرًا لأن ذائقة كلٍّ منَّا الأدبية مختلفة عن الآخر، ونظرًا أيضًا إلى أن كلٍّ منَّا له رأيه في ذلك الصدد، حيث أن الرواية قد تمس العديد من القراء بشكل شخصي.

وبغض النظر عن أن ساق البامبو ليست من مفضلاتي، فإن الكاتب سعود السنعوسي هو واحد من الكتاب المفضلين لدي، وأحب أن أرشح له رواية فئران أمي حَصَّة كي تقومي بقرائتها إن لم يكن قد حدث، رواية رائع وكاتب رائع، فهو له أسلوبه الشيق والشعري للغاية في وصف الأحداث.

اعتقد أن المعجبين بها وأنا من أشدهم هما بالأساس عايشوا الشعور بالغربة يا عفاف داخل المجتمع، عيسى بن ابيه لم يتم تقبله لأن أمه فليبينية على الرغم من أن كل العائلة انتظرت ولدًا يحمل اسم العائلة طوال عمرها

تخيلي أن يحمل شابًا كعيسى شغفًا تجاه أحد البلاد العربية، فتخيلي كيف هي المآساة في بلاده! الرواية تروي لك مشاعر كل شخص اعتقد أن بإمكانه الاندماج في بلاده وعاد خائب الآمال محملًا بخفي حنين دون أن يندمج مع ما كان مقدرًا له

وهذا بالأساس هو مصدر الألم يا عفاف، شعور النبذ والشعور بغنه إما أن تقصقص أفكارك وإما لن تكون معنا. لربما جميع من أعجب بالرواية عايش عيسى كحالة اعجب بها

اعتقد ان الأمور لا تقيم هكذا، بل تقيم ببلاغة الكاتب في توصيل رسالته وهو ما برع فيه سعود بالفعل

عزيزتي لم اقصد البلاغة العربية، قصدت بلاغة توصيل ما يحدث مع أمثال عيسى، تميل الجوائز دائمًا لانتقاء الروايات التي تتحدث عن مشاعر غير مألوفة، لو سألت نفسك ما الذي يجعل كاتبًا كسعود يكتب قصة بالتأكيد لم يعايشها هو وبالطبع لم يعاني منها! ما الذي يجعل كاتبًا كسعود يكتب عن شيئًا كذها بهذه الدقة السردية إلا لو كان متعاطفًا تعاطفًا حقيقيًا مع أمثال عيسى سواء كانوا فلبينين أو عرب، وتعاطفه أيضَا وتسليطه للضوء على الأشخاص البدون، الشخص صديقته وحبيب عمته الذي لم يكن لديه أي فرصة للحياة لانه من قبيلة غير معترف بها دوليًا، لا حياة لا بلد لا حب لا زواج لا سفر!

الأمر ليس دائمًا متعلقًا بالحبكة والمأساة الدرامية والقواعد النحوية بل متعلق بما ناقشه هو وما سلط عليه الضوءكاتب كسعود شخصيًا لم يكن يحتاج هذا، لكن إنسانيته دفعته لجعل ملايين العرب ينظرون للفلبينين نظرة مختلفة، ويعرفون أصلًا ما هم الأشخاص البدون وما هي معانتهم دون أن يقابلوا عيسى أو صديقه بشكل خاص

لا اعرف إن كنت لا اشرح بشكل جيد أم ماذا! تعاطف الكاتب ليس من نسيج الخيال! هذا ليس من دافع قصة حقيقية؟ لا يا عزيزتي، صديق والد عيسي ليس شخصًا حقيقيًا نعم لكن حالته حقيقية، هناك بالفعل قبائل غير معترف بها في الكويت وبالتالي لا حياة كم قلت لك، هذا حقيقي.

عيسى ليس حقيقيًا لكن قصته حقيقية، اقرأي عن كيف يتم التعامل مع الخدمات الفلبينيات على أنهن ملك يمين وبالفعل هناك منهن من تحمل من سيدها ويتم أخذ الطفل منها أو حتى طردها، لذا الرواية ليست قائمة على اختراع الكاتب لحالة ما وايجاد حبكة لها، ولكن هذه معاناة إنسانية حقيقية لأول مرة يسلط عليها هذا الضوء بهذا الشكل

لس فقط اغتراب نفسي عن المجتمع كأمثال، وإنما حتى الاغتراب الحقيقي، لذا امثالي شعروا بمعاناة عيسى على الرغم من كونهم عرب أصليين فكيف لو كانوا من أم أجنبية وخادمة!

هذه معاناة حقيقية

حتى وإن نسيته فلن ينساه اناس أخرىن، روايات مثل ساق البامبو ليس هي بالتحديد تعتبر نقلة أدبية يا عفاف بخصوص الحقوق التي يتم إعطائها للشخص وتعاطف المجتمع معهم، لفت الانتباه لهم جزء مهم جدًا من عملية اعطاء الحقوق، وتعاطف المجتمع معهم لذلك روايات بأفكار كالتي قامت عليها ساق المامبو لا تتحدث عن حبكة خيالية كما تتصورين بل تتحدث عنأشخاص حقيقين ولكن بأسماء مستعارة، أي أنها رواية تسرد ظروف مجتمعية حقيقية وليس للربح بالمقام الأول.

الفكرة ليست في النسيان كما قلت لك ومن سيتعاطف ومن لا، الفكرة هي تحقيق المشاركة الوجدانية التي ستترخ فيك لو قابلتي أشخاصًا مثل عيسى أو صديق والده، نقل معاناة لأشخاص آخرين ربما لم تكوني لتطلعي عليها لو لم تكتب هذه الرواية، كما أن هناك الكثير من المعاناة حول العالم ستجدين أشخاصًا ليكتبون عنها في الروايات!

الروايات ليس مطلوبًا منها ان تخلد حق أحد أو أن تأتي بحقه ولكن مطلوب منها أن ترتقي بقارئها شعوريًا وإنسانيًا من أجل القدرة على مشاركته مشاعر أناس آخرين


كتب وروايات

مُجتمع متخصص لمناقشة وتبادل الكتب (غير المتعلقة بالبرمجة والتقنية بشكل مباشر) والروايات العربية وغير العربية والمواضيع والأخبار المتعلقة بها.

77.7 ألف متابع