يحكي الكتابُ قصةَ فتاةٍ اسمها "جين"، "جين" فتاة مجتهدةٌ متفوقةٌ في عملها كممرضة، ولكنها تملك شغفًا للترحال والسفر والتصوير، فأخذت تفكر أن تترك عملها الرئيسي، ويصير هذا الشغف هو مصدر رزقها. ولكن ماذا كانت النتيجة عندما فعلت ذلك؟ لم تُثبت كفاءةً في هذا العمل، ونفدت -مع الأسف- مُدخراتها التي اشترت بها الكاميرات وتذاكر السفر، ولم يُكتب لها النجاح في تجربتها تلك! فما السبب وراء ذلك؟

إن العمل بشغفٍ يُقصدُ به أن تعمل العمل وأنت لا تشعر بتثاقلٍ ونفورٍ من عمله، بل تجد لذةً وشعورًا بالإنجاز وتحقيق الذات والرضا جرَّاء عمله.

كثيرًا ما نسمع هذه الآونةَ نصيحة "اتبع شغفك"، واترك عملك ومجال تخصصك الرئيسي إلى مجالٍ تكونُ شغوفًا به، ولكن هذه النصيحة إلى هذا الحد تُعدُّ نصيحة منقوصة! فيُطبِّقُ الكثير هذه النصيحة على الفور دون حساب العواقب والتبعات لهذه الخطوة، ودون دراسةٍ ودرايةٍ جِدِّيَّتَيْنِ تؤهلانِ للعمل في مجال الشغف، فيكتفون فقط بمجرد الشعور الذاتي بالميل نحوه، والنظرة السطحية للعمل من بعيد، دون أي تعمُّقٍ واستقصاءٍ يجعل الحكم على العمل في هذا المجال صوابًا.

سأحاول شرح الفكرة الصحيحة التي أقصد بمثال:

لدينا شخصٌ درس الهندسة المعمارية واتخذ منها حرفةً يرتزق منها، ولكن لصاحبنا هذا شغفٌ خاصٌ به، وهو حب الكتابة باللغة العربية، ولكننا نعلم أنها ليست مجاله الرئيسي، فلم يدرس منها سوى القشور والسطحيات في المدرسة قديمًا، فما هو المسار الصحيح الذي عمل عليه ليتِّبعَ شغفه؟

لم يكتفِ بهذا الشغف السطحي؛ فصار -بالتوازي مع عمله الرئيسي كمهندسٍ- يُخصص وقتًا باليوم لمتابعة الدورات التدريبية الخاصة باللغة العربية؛ من نحوٍ وصرفٍ وفن كتابة المقالات وغير ذلك من علوم وفنون اللغة، حتى تصير لديه المعرفة والدراية الكافيَتيْن للحكم ما إذا كان هل يترك مجاله الرئيسي ويعمل باللغة العربية؟ أم أن الأمر اتضح أنه ليست لديه الميول التي كان يتصور بعد التعمق في الدراسة، هنا يستطيع الحكم بشكل صائب.

إن عدم المعرفة وعدم التعمُّق وعدم التدريب الكافي كانوا هم الخطأ الذي وقعت فيه "جين" -صاحبة القصة في أول المقال-؛ فقد سمعت لصوت عاطفتها التي ادّعت حبها للسفر والترحال والتصوير، ولم تمنح لنفسها الوقت والفرصة لتتدرب أكثر على التصوير، وتدرس ما هي الأماكن التي ستسافر لها ويمكنها تصوير الشيء المميز فيها الذي سيجلب لها الأرباح، ومعرفة طريقة التسويق المُثلى لنفسها وما ستنشره، كل هذا كانت ينبغي لتفعله قبل أن تترك وظيفتها.

هل لديكم نفس المآخذ على نصيحة 'اتبع شغفك'؟

وهل الشغف شيءٌ فطريٌ يولد الناس به؟ أم يمكن صناعته؟ شاركونا.