هل تعتقدين أن المثالية ممكنة في هذا العالم؟!
ألا تدركين أنه خلق من العدم..من لا شئ
هناك العديد من الحقائق الكونية الثابتة منذ ان خلق الله
الحياة بصورها ليست المثالية من ضمنها
تنهدت هي في خمول وقالت متجاهلة عمق القياس الذي حاول اثبات حجته من خلاله:
أنا أستحق حبيبا مخلصا
قاطعها:
لست خائنا
ردت في تحدي يدفعه التمرد :
خائن من منظوري!!
لقد أخطأت واعترفت ولكن قلبي لم يخن قط
ثم بادرها متسائلا:
دعينا ننظر للمعطيات التي بين أيدينا،،
أنت الآن خطيبة رجل آخر غيري.. غير يوسف الذي عاهدتيه علي ألا
يفرق بينكما شئ سوي خروج الروح من الجسد..
بلقيس الفاتنة المدللة تركت يوسف ورضيت بغيره لأنها رفضت أن تسامح وتظن نفسها دائما علي صواب
وهي الآن تظهر معاتبة وفي نفس الوقت غير مرتاحة لما أقحمت نفسها فيه
أنتي لا تعلمي سبب وجودك ولا تعلمي ماذا تريدين
سأخبرك بلقيس..
في اعماقك تدركين اني احبك... تدركين اني مثل الباب الذي لايوصد في وجهك ابدا
ولكن عقلك يأبي برغم ذلك ان يعترف بانك اخطأتي كمن اخذته العزة بالإثم
لا تريدي ان تعترفي انك كنتي بعيدة المنال..كنتي احتمالا وليس يقينا
بلقيس لم تحترف اي شئ في حياتها قدر احترافها للبعد والاختفاء التام كلما اختلفت مع يوسف في امر ما..كم كان البعد يرهقه
……
انتبه لصوت نحيبها فانقطع استرساله فالكلام ولكنه ما لبث ان تابع في غضب:
ماذا عن هذا ال...؟! هل هو المخلص الذي بحثتي عنه طيلة حياتك ..؟
لم تعذبيني؟ اجيبي؟ فانا ايضا ابكي وانتحب في احشائي
قالت: لا تقلق فقد قام بنفس الشئ تقريبا.
وما الجديد؟
الجديد يا يوسف أني أدركت أني لن اتزوج رجل في عفة يوسف.. فسامحته..اعني سيدنا يوسف عليه السلام.
صعق يوسف من وقع هذه الجملة علي مسامعه وفجأة شعر وكأن كل مستقبلاته الحسية قد اصابها الشلل والتجمد... احتاجت لادراك هذه الحقيقة أن تتركه وتمر بنفس التحربة مع غيره ثم تسامحه!!
بلقيس
نعم!!
كم اكره..اكره حبي لكي.. اكرهه واسأل الله ان ينزعه من قلبي حتي استطيع ان اعيش واقوم بدوري في قصة هذه الحياة..
ترقرقت عبرة من عينه وقطعت رحلة قصيرة في المسافة من عينه حتي نهاية لحيته، طويلة في مرارتها وما تحويه من حسرة علي عمر ضائع في يقينه بأن بلقيس هي الحبيب والصديق وكل ما كان ينقصه علي هذا الكوكب..
انقطع حبل ذكرياته وعاد للواقع حيث كان مستلقيا امام امواج البحر التي ظهرت في هذه اللحظة هادئة مستكينة علي عكس حالها منذ ساعة تقريبا حين قادته قدماه التائهتان الي هذه البقعة..هدٱت الامواج وكأنها تنصت وتشاهد
حبل ذكرياته الذي انفرط عقده علي رمال الشاطئ..
استلقي مستسلما وهو يردد يا الله.. يا الله..يا الله
ثم فجأة مرت من أمامه فتاة تركض في يأس خلف صبي صغير يلعب في مرح ولا مبالاة
حين اقتربا ومرا من امامه مباشرة سمع صوتها تحذر الصغيز:
يوسف!! الم تحذرك امي كثيرا من الركض عبثا في كل مكان؟ ألا تتعب؟؟
أرجوك توقف..
ابتسم هامسا في نفسه: لا تركض يا يوسف كثيرا فقد تجد نفسك كنت تركض فرحا خلف اللاشئ
لا تركض يا يوسف..
في هذه اللحظة أضاءت شاشة هاتفه منذرة بوجود إشعار جديد،، كان قد ألغي كل ما يمكن أن يحدث صوت يصدر من الهاتف ويقطع عليه تلك الخلوة الكئيبة ولكنه نظر الي الشاشة فأبصر نص الرسالة يقول: أعداد غفيرة من المتظاهرين الغاضبين تملأ ساحة ميدان الحرية والعديد من الطرق المؤدية اليه...مزيد من التفاصيل لاحقا!!
هل إستفاقت أخيرا جمهورية السلبيين؟
هل هذه المرة ستختلف عن سابقاتها؟... يسئل!
…