يقال أن تسعة أعشار العافية التغافل، وأن التغافل والتظاهر بالغباء سر من أسرار النفس السامية وعلامة من علامات الحكمة، وهو في علوم ونظريات التربية الحديثة واحدة من أهم المهارات النفسية والتربوية، لكن هل التغافل والتظاهر بالغباء فعلا حل جيد دائما، أم أنه يصبح ضعف وتهرب وتعقيد مشاكلنا؟
يقول سينكا الفيلسوف الرواقي الأشهر بأن علينا أن نميز بين الانفعال الحادث في تصرفاتنا وبين التصرف الذي هو سمة الشخصية، بكلمات علم النفس الحديث يعني ان نميز بين السلوك والصفة الشخصية، فيميز سينكا الغبي والمتغابي، والغاضب والمغتاظ، تماما مثل الخائف والخوَّاف، فالخائف موضوع في حالة الخوف وسوف تمر هذه الحالة، لكن الخويف لن يصبح شجاعا يوما لأن الخوف جزء من شخصه، كذلك التغابي هو فعل عارض بينما الغباء صفة دائمة.
التظاهر بالغباء بالنسبة للفلسفة الرواقية باب من أبواب السعادة وشرط من شروط الحكمة، فالسعيد هو من يتجنب الغضب والهياج والانفعال الذي يؤدي إلى تصرفات مجنونة، وتستولي عليهم أعظم الشرور التي فوق اقترافهم للرذائل، بالغاضبون يلعنون أطفالهم بالموت، وأنفسهم بالفقر، وأسرهم بالخراب، وينكرون عضبهم كما ينكر المجانين جنونهم ويصبحون أعداء أقرب وأحب الناس إليهم، لذلك لا أجمل من التغابي والتغافل لتجنب كل هذا.
لكننا صرنا نعلم اليوم من علم النفس الحديث أن كبت المشاعر السلبية والمبالغة في التغاضي عن الأمور المؤذية يؤذي إلى أمراض نفسية كبيرة وينتهي بصاحبه إلى نفس النتيجة التي حذرنا منها سينكا والفلسفات الرواقية، إذن كيف الحل، هل التظاهر بالغباء أمر جيد أم لا؟
اخبرني عن رأيك متى يصبح التغابي لصالحنا، ومتى يصبح ضدنا؟ ماهي أحسن طريقة لحل مشاكلنا و الأمور التي تزعجنا دون الوقوع في الغضب؟ وهل أنت من الناس التي لديها الصبر الكافي للتظاهر بالغباء أم أنك صريح ومباشر في تصرفاتك؟
التعليقات