قبل أيام شاهدت فيديوهات لأشخاص يصورون لأنفسهم فيديوهات وهم يلعبون بطرق متطرفة جدا، الى درجة أن البعض وصل الى أنه يصور نفسه وهو يقتل صديقته أمام الكاميرا تحت مسمى اللعب، ، ولا يحتاج أن أذكركم بتحدي Squid Game حيث الموت واللعب امر واحد، وأن أعلى التطبيقات تحميلا هي تطبيقات الألعاب وبالتحديد الألعاب الحربية والقتالية، لكن هل تساءل أحدكم لماذا كل هذا الاهتمام بالألعاب؟ لماذا تتطور الألعاب كل يوم بشكل أكثر عنفا وتطرفا من ذي قبل؟ لماذا نحتاج الألعاب أصلا؟

يقول الفيلسوف مرسيا إلياد بأن الإنسانية الحديثة غيرت بعض مبادئها الأساسية لكن هذا التغير جعلها تخلق بدائل لا شعورية لتلك المبادئ، فالإنسان القديم كان إنسانا أسطوريا، يعتقد بأن الأسطورة هي الحقيقة التي يأخذ منها مبادئه ومعارفه وقواعد عيشه، فكان لا يحتاج إلى الشعور بالامتلاء الروحي، لأن لديه تغذية روحية كافية من خلال الطقوس الدينية والتشبه بالأبطال والقديسين، لكن الإنسان الحديث تخلى عن الأسطورة وعوضها بالعلم التجريبي الذي يرفض أي ميتافيزيقا غير قابلة للتحقق منها في الواقع، وهذا ما خلق فجوة عميقة في نفسه، فأصبح إنسان مفرغ من الداخل .

الغريب في قول مرسيا أن الإنسان رغم اعتقاده بأنه تجاوز الفكر الأسطوري، لكنه لم يتجاوزه فعليا، بل خلق أساطير جديدة من نوع آخر، ويظهر ذلك من خلال الألعاب، فاللعبة هي قصة يعيش فيها الانسان مؤقتا، ويهرب من خلالها من ضغوط الحياة وأتعاب الزمن، وكأنها مهدئ ومطمئن لقبله المتعب، تماما مثل الإنسان القديم الذي تطمئنه أساطيره وحكاياته المقدسة.

اذن الألعاب هي طريقة هروب من الواقع مؤقتا، فهي أساطيرنا الجميلة التي تخفف عنا آلام الحياة، وكلما زادت فسوة الحياة كلما احتجنا إلى ألعاب أعنف وأكثر تطرفا، لكي تستطيع أن تخدرنا بشكل أقوى.

اخبرني ، ماهي لعبتك الجميلة التي تستمتع في أن تكون فيها مجرما؟ هل تفضل نوع معين من الألعاب؟ هل كنت تعتقد أن الألعاب هي اسطورة جديدة؟