لا نستطيع أن نقول أن الصدفة والعشوائية هي سبب وجود كل هذا الكون بموجوداته المذهلة فالعشوائية هي عكس النظام وهذا الكون منظم بإتقان بكل تفاصيله الصغيرة والكبيرة فحتى عندما نتمعن في أجسادنا بتركيبته الطبيعية والفسيولوجية لا نستطيع إخفاء حقيقة أن لكل سبب مسبب وأن لكل هذا الوجود العظيم خالق بديع
الصدفة تناقض المنطق؟
لا يمكنني أن أعزو وجود الكون للصدفة، حتى ما يحدث في حياتا لا يمكننا أن نعزوه للصدفة، ربما ظنًا منه أن ثمة علاقة سببية بين هذه الأحداث، اعتقد أن الأمر مدبر ويسير بشكل منطقي و هنالك شيء اسمه " تزامنية" في كل ما يحدث معنا
هذا يعتمد على مفهوم الصدفة يا صديقي. إن مفهوم الصدفة هو مفهوم إنساني من الطراز الأول، وبالتالي فهو يخضع لقوانين فهمنا نحن. لذلك لا يمكننا أن نعتبره مرجعية لأي شيء. على سبيل المثال، نرى كبشر أن ظهور رقم من أرقام حجر النرد الستّة مصادفة. وذلك لأن جهازنا العصبي لا يستطيع الإلمام بالتفاصيل الخاصة بفيزياء ارتطام زوايا الحجر بالسطح وظروف احتكاكها. لكن المهرة من لاعبي الطاولة مثلًا على المقاهي الشعبية يستطيعون توظيف هذه الفيزياء بشكلٍ ما، وبالتالي يصيبون الأرقام التي يريدونها. لذلك فإن الصدفة هنا هي عجزنا عن الإلمام بالاحتمالات الممكنة ليس إلّا.
صحيح أن لكل فعل ردت فعل، ولكل سبب نتيجة، ولكن أنا من الأشخاص الذين يؤمنون بالصدف أحيانا، الصدفة في حدوث شيء مفاجئ وغير متوقع، بدون وجود خطة أو ترتيب مسبق. ولكن يمكن القول بأنها تناقض المنطق في بعض الحالات. مثلا، إذا كان شخص ما يعتقد أن الأرقام الزوجية هي الوحيدة التي يمكن أن تكون صحيحة، فإن حدوث رقم فردي يمثل صدفة وتناقض المنطق.
لهذا السبب يجب علينا أن نكون مستعدين للصدفات والأحداث غير المتوقعة في الحياة. يمكن أن تأتي الصدفات في أي وقت وفي أي مكان، ويمكن أن تؤدي إلى تغيير مسارنا أو إلى فتح أبواب جديدة للفرص. ولكن في بعض الأحيان، يمكن أن تكون الصدفات مدمرة وتؤدي إلى نتائج سلبية.
ولكن أليست الصدفة أقدار من آلله ؟
معظم المفكرين المسلمين أقروا بأسبقية العلم الإلهي لكل أحداث الحياة، فكل كبيرة وصغيرة موجودة بالعلم الإلهي الكلي..
وما يُعرف بالقدر هو أفعال العبد التي سيقوم بها في المستقبل والتي يختارها بكامل إرادته، ولكن بعلم الله المسبق، حيث منح الله الإنسان إرادة حرة بإختياراته لتكون أساس التكليف والابتلاء..
ولذلك أظن أن ما نعتبره صدفة بالنسبة لنا لعدم توقعنا حدوثه، هو قدر معلوم لدى الخالق منذ الأزل..
في الحقيقة الكون يميل إلى العشوائية وليس إلى النظام لأن العشوائية دائمًا أسهل من الترتيب. لتجعل بيتك فوضوي عليك بذل القليل من المجهود، أما لتنظيمه سيكون عليك الاجتهاد كثيرًا.
أعتقد أن أجمل ما بالصدفة أنها تتقاطع مع معاني كثيرة، تتقاطع مع القدر، وتتقاطع مع مفهوم الإشارات والإلهام، وكذلك مع الحظ؛ ولذلك لا توجد صدفة في المطلق، وإنما حسب الموقف نفسه يمكننا جمعها مع معنى آخر.
التعليقات