ما الذي يمكن أن يكون أكثر وضوحا وأكثر يقينا من الفكرة الحقيقية التي هي معيار الحقيقة؟ يتساءل سبينوزا ! وأنا أتساءل بدوري: هل الفكرة التي نعتقد انها غير واضحة وغير صحيحة هي دائما غير حقيقية بالضرورة؟

بالنسبة الى سبينوزا الامر سهل، يكفي أن يتوفر الاتساق والانسجام داخل فكرة ما لتكون حقيقية ويكفي غياب ذلك الانسجام لتكون خاطئة، المشكلة في نظره تكمن في كيف يعرف المرء أن يتأكد من أن أفكاره تتلائم وتنسجم مع موضوعاتها أي تتوافق مع ذاتها؟ يجيب: بأن الفكرة هي معيار ذاتها أي أن الفكرة الحقيقية تبدوا حقيقية من تلقاء نفسها ولا تحتاج الى شيء أخر لكي يوضحها، لأنه يعتقد أن الفكرة هي جزء من الذهن الإلهي اللامتناهي، ومن الضروري ان تكون الأفكار الواضحة أفكار حقيقية لأنها في الأصل من مصدر إلهي.

ومن هنا يأتي الفرق بين الانسان الذي يملك أفكار حقيقية والانسان الذي يملك أفكار خاطئة عند سبينوزا في مدى غموض تفتت وتجزأة أفكاره، لأن الخطأ ببساطة هو عدم التطابق.

إذا حللنا هذا الكلام واقعيا سنجد مشكلة أخرى وهي أنه توجد الكثير من الأفكار غير الواضحة لكنها حقيقية، لأن الوضوح والغموض مرتبط بمدى معرفتنا بالشيء، فكلما زادت معرفتنا به كلما بدا لنا أكثر وضوحا والعكس، فكيف نحل هذه العقدة.

اذن في رأيكم ماذا يقصد سبينوزا بالوضوح والانسجام فعلا؟ هل يكفي أن تكون الأفكار منسجمة حتى تكون حقيقة واذا كان الأمر كذلك كيف نفسر وجود اشخاص قادرين على خلق أفكار منسجمة ظاهريا لكنها خاطئة في باطنها؟ كيف تميزون بين الأفكار الحقيقة وغير الحقيقة في حياتكم الواقعية؟