أقرأ باستمرار منذ ظهور ترامب حول ان الغرب هو مجرد كتلة من المختالين والعنصريين الذين يتفاخرون بما هم ليس عليه في الحقيقة، ويدعون الذكاء والتفوق كذريعة للاستضعاف الأقوام الأخرى واستغلالهم، وأسأل نفسي، من أين جاءت هذه الفكرة، وما أًصلها؟ وهل فعلا الغرب معجزة كما يعتقد عن نفسه أم أنه عنصري فارغ؟

بالعودة للتاريخ نجد بأن كل الشعوب بدون استثناء كانت ترى نفسها احسن وأرقى عرق وجد على الأرض، فاليهود اعتبروا أنفسهم شعب الله المختار، والعرب اعتبروا نفسهم أعراق سامية، ودول أوروبا اعتبرت نفسها أعراق آرية فاخرة..الخ، وكل الحروب التي عرفها التاريخ كانت من أهم أسبابها هي محاولة استيلاء طائفة على أخرى إنطلاقا من مبدأ الأفضلية العرقية، وكلنا نعلم نازية هتلر وقصة الهولوكوست، لكن السؤال هو لماذا لا نجد بقية العالم اليوم يتفاخر بعرقه إلى درجة العنصرية مثل ما تفعل أوروبا؟

تعود القصة حسب تاريخ الأفكار إلى اليونان، أو مايسمى الان بـ"معجزة العقل اليوناني" وهي أن اليونانيين القدامى هم من غيروا تاريخ البشرية من العقل الأسطوري الى العقل التحليلي وأبدعوا الفلسفة وطوروا والعلوم والفنون الغربية، وأنه لا يوجد شعب في العالم قادر على أن يضاهي العقل اليوناني وأن يأتي بما أتى به، لأن الإعجاز في العقل والدم اليوناني نفسه، الذي هو تجسيد لقوة العرق الآري العبقري، والذي هو أرقى وأسمى من كل الأعراق الأخرى، التي خُلقت لخدمته.

مشكلة المعجزة اليونانية هذه سوف تتطور مع التاريخ وتصبح هي أساس النزعات الاستعمارية والاستشراقية، وسيجد الغرب كل المبررات العقلية المنطقية واللامنطقية لتسويغ هذه الفكرة، ومن أهمها فكرة الحضارة والتقدم والحرية والمساواة التي تريد أن تجعلها بوابة لامتلاك العرقيات الأخرى واعتلائها بإرادتها، مع ذلك هناك من يعتقد أن أوروبا لها الحق في ذلك، وأن هذا التفكير الاستعلائي من طبيعة القوي وليس عنصريةً بل نتيجة لاستحقاقها العلمي والتكنولوجي.

السؤال الآن: هل بالفعل يملك العقل الغربي ميزات تجعله أكثر تفوقا من غيره؟ هل يختلف العقل الإنساني من عرق إلى عرق، فتوجد أعراق أكثر ذكاء من غيرها في رأيك؟ أم أن العقل واحد في كل الشعوب ؟