تخيل معي عزيزي المستقل أنك استيقظت يوما ما على خبر ينهي حياتك المهنية على الأنترنت تماما، وذلك بسبب حظر جميع الدول العربية من سرفرات الأنترنت بعد مقاطعة الغرب للعرب لأسباب سياسية مثلا، لقد أصبح كل توقعاتك وأحلامك من الماضي الآن ولا يسعك سوى قبوله والبحث عن مخرج من هذا الفخ، فخ؟؟

نعم ؛ ما قرأته للتو صحيح، إنه فخ. لكن كيف؟ 

تسمى هذه الظاهرة بالبجعة السوداء، وهي حدث غير متوقع واحتمالية وقوعه ضعيفة جدا، لكن له تأثير جذري على حياتنا، لأنه1/ يحصل بشكل مفاجأ غير متوقع، 2/ له تأثير مباشر ونوعي على كل المجريات الأخرى،3/ ستم إيجاد تفسير منطقي له بعد وقوعه فيظهر وكأنه أمر بديهي أن يحدث.

البجعة السوداء يمكن أن تكون إيجابية أو سلبية، الأساس أنها ستقلب حياتنا ومساراتنا، لا يهم إن كان سقوط سوق الأسهم الذي سيجعلك تتخسر كل استثماراتك وتعود للصفر، أو أن تقع في حب شخص يغير أحلامك وطريقة تفكيرك، أو أن تقع بلدك في حرب أو ثورة تجعلك تغيير بلدك أصلا، كل الأحداث الغريبة والمصيرية في حياتنا هي بجعة سوداء، غير قابلة للتنبؤ وغير مكترثة لمخططاتنا أو المعطيات التي نريدها، نحن مجرد نقطة في محيط الحياة، فلا عجب أننا ستجد كل أنواع الموج الذي لم نسمع عنه في حياتنا، وليست هناك موجة ستتوقف من أجلنا.

مهما كان تخطيطنا ودراستنا للمستقل سيظل مجرد رهان على معطيات حالية ستتغير في المستقبل بشكل أو بآخر، وكلما كانت مخططاتنا أبعد زمنيا كلما زاد احتمال ظهور بجع أكثر، وزاد انغماسنا في مقامرة لا نعرف نهايتها، لذلك علينا أن نجعل مخططاتنا أقصر وتوقعاتنا أقل إن كننا نريد تقليل ألم الخسارة، ليس لأن التنبؤ رهان ضعيف فقط، بل لأننا نحن البشر كذلك أيضا، فنحن نميل ال تحيزاتنا المعرفية التي هي محدودة جدا في الأصل، وغير قادرون على رؤية الصورة الكاملة، لذلك يجب أن لا نضع حياتنا تحت رحمة مالا تعرف، ولا نتنبؤ مالا يمكن التنبؤ به ، ولنستغل البجعات الإيجابية لصالحنا، ونتعلم من البجعات السلبية.

أخبرنا قصتك مع أسوء بجعاتك السوداء وكيف استطعت تخطيها؟