قبل أيام قليلة؛انتشر خبر وفاة الزعيم الممثل الكبير عادل إمام، الذي رج الجماهير بطريقة مهولة، ليتبين فيما بعد أنها مجرد إشاعة كاذبة، طيب تذكر معي ردات الفعل المتباينة على الصفعة الغريبة التي وجهها ويل سميث لكريس روك في حفل الأوسكر، حالات التعاطف العميقة مع جوني ديب طيلة محاكمته مع أمبر هيرد والتي تحولت مع الوقت من قضية شخصية إلى قضية رأي عام، ثم إلى محفز للجمعيات حقوق الإنسان والحركات النسوية لفتح ملفات النساء المعنفات ، لكن ماهي العلاقة بين حياة هؤلاء الممثلين وبين واقعنا كمعحبيين؟ كيف استطاعوا أن يدخلوا الى حيز حياتنا الشخصية بعد ما كانوا مجرد غرباء وراء الشاشات؟ والأدهى من ذلك كيف اصبحنا كمعجبين قادرين على امتلاك أجزاء حساسة من حياة النجوم وتوجيهها؟
ادغار موران الفيلسوف الألماني يقول بأن الممثلين ونجوم السينما لم يعودوا مجرد أشخاص عاديين، يضعون القناع الذي يؤدون به الدور الذي يمثلونه، ثم يرمونه ليمضوا إلى حياتهم العادية، فيتركوا وراءهم ذكرى، سواء عبارة عن مشهد أو عبارة أو حركة، يتذكرها المتلقي من حين لآخر، كما كان سائدا في المسرح القديم، بل أصبحوا بمثابة أنصاف آلهة، مخلوقات متعالية تدفعنا إلى الحلم عن طريق الاستعراض السينمائي كأساطير حديثة.
لقد خلقت السينما الحديثة كائنات جديدة تنتسب للبشري والإلهي في نفس الوقت، وتشبه في أحيان كثيرة أبطال الأساطير وآلهة الأولمب القديمة، وتحول الاهتمام بهم من مجرد إعجاب بعمل فني إلى تقديس وعبادة، وتحولت مساحة الفن من الجمال إلى مساحة للسحر والتدين ومن الترفيه للإيمان.
يصف موران النجم بالسيد الذي يكرس له المؤمن نفسه. لكن عليه أن يكرس نفسه للمؤمن هو أيضا بل أكثر من هذا، أن المؤمن دائما يريد أن يستهلك إلهه. وهذا ما يظهر في التعلق الشديد للمعجبين بنجمهم، وتتبعهم لدقائق الأمور المتعلقة به والذي يشخص عن مستوى معين بالهوس تحت مسمى "هوس الجماهير"،فالمعجب يريد أن يلتهم نجمه، أن يعرف كل شيء عنه، فيحلله ويركبه، ويلتقط كل أخباره، في عملية إلتهام نهمة، كل سر أو معلومة تعد مقدسة، أما الصورة أو التوقيع فهي طوطم العصر الحديث، وكما هو حال الشعوب القديمة، اتجاه الآلهة التي لا تستجيب لتمنياتها والعكس، يسخط المعجبون على نجمهم إذا لم يحقق لهم ما يأملونه، لكن لماذا يفكر المعجبون هكذا؟
يقول موران أن الشعور بالبؤس والكأبة في مقابل حياة الشاشة الباذخة التي يطمح لها الجميع، يجعلنا نشعر بطريقة ولا واعية بأن النجم هو طريقنا الى تلك الحياة، فالنجوم ماهم سوى عمليات إسقاط، لإسقاط حاجاتنا ورغباتنا؛ واستراتجية تعويضة للهروب من أنفسنا وأحلامنا الخائبة.
في رأيك كيف يمكن تفادي تأثير النجوم السلبي علينا كمعجبين؟ وهل يمكن أن تنجح السينما لحديثة دون وجود هوس جماهيري؟
التعليقات