إن كل خيارتنا فى هذه الحياة إنما تحمل قدرا من السعادة ممزوجا مع نظيره من الشقاء ؛ فلا تتخيل أن خيارك الذى تعيشه حاليا أسوء من خيار آخر هجرته ، وإذا ما وجدت نفسك تسبح فى حياة بعيدة عنك تماما نتيجة لاختيارك فلا تجزع وأعلم أنك لم تكن على القدر الكافى من المعرفة اللازمة لفهم و معرفة الثمن الذى ستدفعه نتيجة إختيارك .

فعليك إذا أن تختار ما يمكن أن يعطيك أكبر قدر من السعادة فى مقابل أكبر مقدار من القدرة على تحمل آلام هذا الاختيار ، وهنا ستكون أنت الفارق الحقيقى فى المسألة وليس اختيارك ، فمثلا إذا سعيت جاهدا لنيل وظيفة ما مرموقة لأن أقرانك يعتبرونها طوق نجاة ، و الإعلانات تشير إليها على أنها وظيفة السعداء ، ولكن قلبك و هواياتك تحمل آمالا أخرى ، عندها سيكون هذا الاختيار بمثابة عقاب لك إذا تحقق ، لأن قدرتك على تحمل آلام هذا الاختيار ستكون ضعيفة ، وستظهر هذه الا لآم بقوة عندما يضعف المسكن والذى قد يكون راتب هذه الوظيفة ، لأنك حينئذ ستدفع ثمنا غاليا لشئ لا تريده حقا ، وأن نظرتك للأمور كانت ساذجة جدا .

الأمر الذى يدفعنى إلى القول أن علينا جميعا أن نسعى جاهدين لمعرفة مواهبنا وإمكانية توظيفها بشكل جيد فى هذه الحياة ، عندئذ فقط ، قد تتيح لنا الحياة أكبر قدرة لتحمل آلامها المتكررة التى لا تكف عن وخزنا من حين لآخر .

الأمر الذى يدفعنى أيضا ان أكون صريحا عندما أصف ذلك بأنه أمر عسير و شاق ، و يحتاج إلى شخص مر بتجارب كثيرة جدا ليقيم من خلالها الأصدقاء و المعارف و الوظائف و الهوايات ، ومدى تفاعله مع كل ذلك ، وأرى فى رأيى أن ذلك سيتطلب منك أن تتعلم قيمة الوقت ؛ فجرب كثيرا جدا كل شئ حتى سن الثلاثين ، ثم كن إنتقائيا و حذرا بعد ذلك ، إذ من المفترض أنك فهمت أن مكافأة هذه الحياة أن تكشف لك بعض أسرار نفسك التى لم تكن لتفهمها دون إختبار الواقع مراتا عديدة ، وهذا ما سيعطيك قدرة عظيمة على تحمل آلامها لتكون سعيدا ، وقد يكون هذا هو الصبر الجميل .